للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

إذْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَحَامِلِيَّ كَذَلِكَ رَوَاهُ وَإِنَّمَا سَقَطَ مِنْ كِتَابِ شَيْخِنَا أَبِي عَمْرٍو قُلْنَا فِيهِ يَعْنِي عَنْ عَائِشَةَ لِأَجْلِ أَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ لَمْ يَقُلْ لَنَا ذَلِكَ قَالَ الْخَطِيبُ وَهَكَذَا رَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا إذَا كَانَ شَيْخُهُ قَدْ رَوَاهُ لَهُ عَلَى الْخَطَأِ أَمَّا إذَا وَجَدَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ لَا مِنْ شَيْخِهِ فَيُتَّجَهُ هُنَا إصْلَاحُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَفِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ تَحْدِيثِهِ بِهِ مَعًا.

[فَائِدَة وُقُودُ الْمَصَابِيحِ فِي الْيَوْمِ] ١

{السَّابِعَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُ عَائِشَةَ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ أَرَادَتْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْهَدُ وُقُودُ الْمَصَابِيحِ فِي الْيَوْمِ وَهُوَ النَّهَارُ وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ بِالْيَوْمِ عَنْ الْحِينِ وَالْوَقْتِ كَمَا تُعَبِّرُ بِهِ عَنْ النَّهَارِ وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ.

{الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ} وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ بَيَانٌ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ ضَيِّقِ الْعَيْشِ إذْ لَمْ يَكُونُوا يُسْرِجُونَ فِي بُيُوتِهِمْ مَصَابِيحَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ أَنَّهَا إذْ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَتْ فِي بُيُوتِهِمْ الْمَصَابِيحُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الدُّنْيَا فَوَسَّعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إذْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

{التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ} فَإِنْ قِيلَ قَدْ جَعَلْتُمْ أَنَّ قَوْلَهَا يَوْمَئِذٍ الْمُرَادُ بِهِ الْحِينُ وَالزَّمَنُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ الْوَقْتِ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ لَا كُلِّ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا كَانُوا يُطْفِئُونَ مَصَابِيحَهُمْ عِنْدَ النَّوْمِ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ «وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ» فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَجْلِسُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ حَتَّى يُوقَدَ لَهُ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: ٩] الْآيَةَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَتَعَالِي فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ مَصَابِيحُ فِي بُيُوتِهِمْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ أَنَّهَا كَانَتْ تُطْفَأُ عِنْدَ النَّوْمِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا إلَّا أَنَّ قَوْلَهَا لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ ظَاهِرٌ فِي مُطْلَقِ النَّفْيِ وَإِنْ حَدَّثَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إذْ سُئِلَتْ عَنْ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَنَا مِصْبَاحٌ لَأَكَلْنَاهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَقْعُدُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ فَهَذَا لَا يَثْبُتُ وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ} ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْقُشَيْرِيُّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قِصَّةَ عَائِشَةَ فِي كَوْنِهَا فِي قِبْلَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ رَاقِدَةٌ لَيْسَ يُبَيِّنُ مُسَاوَاتَهَا لِمُرُورِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ الْبُيُوتَ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ فَلَعَلَّ سَبَبَ هَذَا الْحُكْمِ عَدَمُ الْمُشَاهَدَةِ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>