للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَجْزٌ عَنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ كَمَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ شَعْرُهُ لَطِيفٌ لَا يُمْكِنُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَبَّدَ شَعْرَهُ مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَ الصَّمْغَ فِي الْغَسُولِ ثُمَّ يُلَطِّخُ بِهِ رَأْسَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ عَقَصَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلْقِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ انْتَهَى.

وَفِي ذِكْرِهِ مَعَ ذَلِكَ مَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّهِ حَلْقٌ وَلَا تَقْصِيرٌ وَمَسْأَلَةُ الْعَقْصِ وَالضَّفْرِ شَكْلٌ مِنْ التَّلْبِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ ذَلِكَ التَّقْصِيرُ بِلَا شَكٍّ بَلْ وَلَا يَتَعَذَّرُ مَعَ التَّلْبِيدِ وَالْعِيَانُ يَدْفَعُهُ، وَهَذَا خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ وَالْمُدْرَكُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَقْرَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَشَارَ الْخَطَّابِيُّ إلَى الِاسْتِدْلَالِ لِتَعَيُّنِ الْحَلْقِ فِي صُورَةِ التَّلْبِيدِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ بَعْدَ كَلَامِهِ الَّذِي نَقَلْته عَنْهُ فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ: وَفِي قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ» .

وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ السُّنَّةَ فِيمَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ الْحِلَاقِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ التَّقْصِيرُ فِيمَنْ لَمْ يُلَبِّدْ «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ لَبَّدَ رَأْسَهُ» .

وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ التَّقْصِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا بِدُعَائِهِ لِلْمُقَصِّرِينَ وَهُوَ خِلَافُ مُدَّعَاهُ.

{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مَا إذَا لَمْ يَنْذِرْ الْحَلْقَ فَإِنْ نَذَرَهُ تَعَيَّنَ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ وَهَذَا التَّعْيِينُ لَيْسَ بِأَصْلِ النُّسُكِ بَلْ لِعَارِضِ النَّذْرِ.

[فَائِدَةٌ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ لِلْمُحْرِمِ] ١

{الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ} قَالَ أَصْحَابُنَا: الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ إزَالَةُ الشَّعْرِ فَيَقُومُ مَقَامَهُ النَّتْفُ وَالْإِحْرَاقُ وَالْأَخْذُ بِالنُّورَةِ وَالْمِقَصَّيْنِ وَالْقَطْعِ بِالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهَا وَيَحْصُلُ الْحَلْقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَنْذِرْ الْحَلْقَ فَإِنْ نَذَرَهُ تَعَيَّنَ وَلَمْ تَقُمْ هَذِهِ الْأُمُورُ مَقَامَهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِنْبَاطَ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ. كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَبْلَغَ فِي سَدِّ خُلَّةِ الْفَقِيرِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا إجْزَاءُ الْأَخْذِ بِالنُّورَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ.

[فَائِدَةٌ الْمُحْصَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ] ١

{الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ} رَتَّبَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ الْمُحْصَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ كَغَيْرِهِ فَإِنَّ سُقُوطَ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِعَجْزِهِ عَنْهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْحَلْقِ فَيَبْقَى وُجُوبُهُ وَقَدْ حَضَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ عَلَى ذَلِكَ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَا الشَّافِعِيُّ بِنَاءً عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْهِ وَأَشْهَرِهِمَا أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَيْسَ عَلَيْهِ حَلْقٌ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>