للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

النَّهْيِ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ بِمُفْرَدِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَهُوَ جُنُبٌ فَقَالَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا» .

[فَائِدَةٌ الِاخْتِلَاف فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ]

(السَّابِعَةُ) احْتَجَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ، فَإِنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ عُمُومٍ وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَتَعَذَّرُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الدَّائِمَ الْكَثِيرَ الْمُسْتَبْحِرَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ اتِّفَاقًا مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَإِذَا بَطَلَ عُمُومُهُ وَتَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ خَصَّصْنَاهُ بِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَيُحْمَلُ عُمُومُهُ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنَّ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ تَنْجِيسِ الْقُلَّتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا، وَذَلِكَ أَخَصُّ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْعَامِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.

[فَائِدَةٌ الْمَاءَ الْجَارِيَ إذَا كَانَ قَلِيلًا وَلَمْ تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ] ١

(الثَّامِنَةُ) فِيهِ حُجَّةٌ لِلْقَوْلِ الْقَدِيمِ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ إلَّا إذَا غَيَّرَتْهُ، فَإِنَّهُ يَنْجُسُ إجْمَاعًا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ إخْرَاجُهُ عَنْ الْمَاءِ الدَّائِمِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ وَلَا عَنْ الِاغْتِسَالِ مِنْهُ، وَهُوَ مَفْهُومُ صِفَةٍ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْأُصُولِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ اخْتِيَارَ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ وَخَصَّصَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَفْهُومَ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ تَأْثِيرُ النَّجَاسَةِ فِيمَا دُونَهَا جَارِيًا كَانَ أَوْ رَاكِدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ بَوْلَ الْآدَمِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعَذِرَةِ هَلْ يُنَجِّسُ الْمَاءَ الرَّاكِدَ] ١

(التَّاسِعَةُ) احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ بَوْلَ الْآدَمِيِّ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعَذِرَةِ يُنَجِّسُ الْمَاءَ الرَّاكِدَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ، وَإِنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ يَعْتَبِرُ فِيهِ الْقُلَّتَيْنِ فَلَمْ نُعِدْ حُكْمَ الْبَوْلِ، وَالْعَذِرَةِ إلَى غَيْرِهِمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ عَنْ أَحْمَدَ تَقْيِيدُ الْعَذِرَةِ بِالْمَائِعَةِ، وَكَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عِنْدَهُ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ دُونَ الْجَامِدَةِ إذْ لَا امْتِنَاعَ فِي الْمَاءِ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَكَأَنَّهُ رَأَى الْخُبْثَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَامًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْجَاسِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ فَقَدَّمَ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَأَخْرَجَ بَوْلَ الْآدَمِيِّ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُلَّتَيْنِ بِخُصُوصِهِ فَتُنَجِّسُ الْمَاءَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَلِمُخَالِفِهِمْ أَنْ يَقُولَ قَدْ عَلِمْنَا جَزْمًا أَنَّ هَذَا النَّهْيَ جَزْمًا إنَّمَا هُوَ لِمَعْنَى النَّجَاسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>