. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِمَا فِيهِ لِلَّهِ بِرٌّ وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ أَجْرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ عَلَى اشْتِغَالِهِ بِهِ إذَا كَانَ فِي قِيَامِهِ سُقُوطُ مُؤْنَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَنْ كَافَّتِهِمْ. وَفَسَادُ قَوْلِ مَنْ حَرَمَ الْقُسَّامَ أَخْذَ الْأُجُورِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَالْمُؤَذِّنِينَ أَخَذَ الْأَرْزَاقِ عَلَى تَأْدِيَتِهِمْ وَالْمُعَلَّمِينَ عَلَى تَعْلِيمِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ بَعْدَهُ فِيمَا كَانَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُؤْنَتَهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ فَبَانَ أَنَّ كُلَّ قَيِّمٍ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَعُمُّهُمْ نَفْعُهُ سَبِيلُهُ سَبِيلُ عَامِلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنَّ لَهُ الْمُؤْنَةَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكِفَايَةَ مَا دَامَ مُشْتَغِلًا بِهِ، وَذَلِكَ كَالْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ وَسَائِرِ أَهْلِ الشُّغْلِ بِمَنَافِع الْإِسْلَامِ. انْتَهَى.
[فَائِدَة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورَثُ]
(السَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُورَثُ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عُلَيَّةَ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُورَثْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِأَنْ جَعَلَ مَالَهُ كُلَّهُ صَدَقَةً زِيَادَةً فِي فَضِيلَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْحَدِيثِ قُلْت وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُورَثْ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ جَعَلَ إرْثَهُ مُسْتَحِيلًا لَا مُقْتَضًى لَهُ، وَالثَّانِي جَعَلَهُ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ عَدَمُ الْمَالِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَدَقَةٌ كَمَا يَقِفُ الْإِنْسَانُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيَمُوتُ وَلَا مِلْكَ لَهُ فَلَا يُورَثُ؛ لِعَدَمِ مَا يُورَثُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يُورَثُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَمَّا الرَّوَافِضُ فَلَيْسَ قَوْلُهُمْ مِمَّا يُشْتَغَلُ بِهِ، وَلَا يُحْكَى مِثْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّعْنِ عَلَى السَّلَفِ وَالْمُخَالَفَةِ لِسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ كَانَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا الْعَبَّاسِيَّةُ بِالْأَنْبَارِ فَلَمَّا افْتَتَحَ الْكَلَامَ وَصَارَ إلَى ذِكْرِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْخُطْبَةِ قَامَ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ فِي عُنُقِهِ مُصْحَفٌ فَقَالَ: أُذَكِّرُك اللَّهَ الَّذِي ذَكَرْتَهُ إلَّا أَنْصَفْتَنِي مِنْ خَصْمِي وَحَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بِمَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ. قَالَ لَهُ: وَمَنْ ظَلَمَك؟ . قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الَّذِي مَنَعَ فَاطِمَةَ فَدَكَ فَقَالَ لَهُ وَهَلْ كَانَ بَعْدَهُ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ. وَأَقَامَ عَلَى ظُلْمِكُمْ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَهَلْ كَانَ بَعْدَهُ أَحَدٌ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: مَنْ؟ . قَالَ: عُثْمَانُ. قَالَ: وَأَقَامَ عَلَى ظُلْمِكُمْ. قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَهَلْ كَانَ بَعْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute