. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الِاسْمَ لِلَوْنِهِ عَلَى رَائِحَتِهِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُنَا فِيمَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ بِالْمُجَاوَرَةِ فَأَمَّا بِمَا خَالَطَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ يَقُولُ لَا يُعْتَدُّ بِالرَّائِحَةِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَمَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ يَعْتَبِرُونَ الرَّائِحَةَ كَاعْتِبَارِ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَظْهَرُ ثُمَّ إنَّ فَرْضَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ تَغَيُّرَ أَحَدِ الْأَوْصَافِ بِالنَّجَاسَةِ كَافٍ فِي تَنْجِيسِهِ، وَقَدْ نَقَلَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْإِجْمَاعَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّغَيُّرِ بِالظَّاهِرِ فَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا هُوَ كَالتَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ يَكْفِي فِيهِ أَحَدُ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي اللَّوْنُ وَحْدَهُ.
وَأَمَّا الطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فَكَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَفْرِضَ ذَلِكَ فِي التَّغَيُّرِ بِالطَّاهِرِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ إيرَادَ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلرُّخْصَةِ فِي الرَّائِحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّغْلِيظِ بِعَكْسِ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا انْتَقَلَ بِطِيبِ رَائِحَتِهِ مِنْ حُكْمِ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ، وَمِنْ الْقَذَارَةِ إلَى الطِّيبِ بِتَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ، وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْمِسْكِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ يَنْتَقِلُ عَلَى الْعَكْسِ بِخُبْثِ الرَّائِحَةِ أَوْ تَغَيُّرِ أَحَدِ أَوْصَافِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ إلَى النَّجَاسَةِ انْتَهَى.
وَجَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَاسْتَنْبَطَ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَمَّا حُكِمَ لِلدَّمِ بِالطَّهَارَةِ بِتَغَيُّرِ رِيحِهِ إلَى الطِّيبِ وَبَقِيَ فِيهِ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَغَيُّرَهُمَا إلَى الطِّيبِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ إذَا تَغَيَّرَ مِنْهُ وَصْفَانِ بِالنَّجَاسَةِ وَبَقِيَ وَصْفٌ وَاحِدٌ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ قِيلَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمْت لِأَنَّ رِيحَ الْمِسْكِ حُكْمٌ لِلدَّمِ بِالطَّهَارَةِ فَكَانَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ تَبَعًا لِلظَّاهِرِ، وَهُوَ الرِّيحُ الَّذِي انْقَلَبَ رِيحَ مِسْكٍ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ إذَا تَغَيَّرَ مِنْهُ وَصْفٌ وَاحِدٌ بِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ كَانَ الْوَصْفَانِ الْبَاقِيَانِ تَبَعًا لِلنَّجَاسَةِ، وَكَانَ الْمَاءُ بِذَلِكَ خَارِجًا عَنْ حَدِّ الطَّهَارَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ صِفَةِ الْمَاءِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا انْتَهَى.
[فَائِدَة اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُضَافِ الْمُتَغَيِّرَةِ أَوْصَافُهُ إلَى الطِّيبِ]
{الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيَحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا أَبُو حَنِيفَةَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُضَافِ الْمُتَغَيِّرَةِ أَوْصَافُهُ إلَى الطِّيبِ، وَحُجَّتُهُ بِذَلِكَ تَضْعُفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute