وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ» وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ خُبَيْبِ «إذَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ فَلَا تَأْكُلُوا وَلَا تَشْرَبُوا» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّ الْمَحْفُوظَ وَالصَّوَابَ الْأَوَّلُ؛ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا نُوَبٌ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا..
ــ
[طرح التثريب]
وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ» وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ خُبَيْبِ «إذَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ فَلَا تَأْكُلُوا وَلَا تَشْرَبُوا» وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مُعَارِضَتَانِ لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ الْمَحْفُوظَ وَالصَّوَابَ الْأَوَّلُ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نُوَبٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَنَظِيرُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُعَارَضَةِ مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ بِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك الْفَجْرُ هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا» لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شَدَّادٍ مَوْلَى عِيَاضِ بْنِ عَامِرٍ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ: إنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ بِلَالًا وَأَيْضًا فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ هَذَا إسْنَادٌ مَجْهُولٌ مُنْقَطِعٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَلَا يُقْبَلُ لِضَعْفِهِ وَانْقِطَاعِهِ انْتَهَى.
وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ هَذَا الْكَلَامَ لِبِلَالٍ فِي نَوْبَتِهِ الَّتِي كَانَ يَتَأَخَّرُ فِيهَا أَذَانُهُ وَيَتَقَدَّمُ فِيهَا أَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نُوَبٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لَهُ هَذَا الْكَلَامَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ أَنْ يُنَصَّبَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ حَمْلُ أَذَانِ بِلَالٍ بِلَيْلٍ عَلَى رَمَضَانَ خَاصَّةً وَتَقَدَّمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ عَكْسُ ذَلِكَ فَكَرِهَ الْأَذَانَ قَبْلَ الصُّبْحِ فِي رَمَضَانَ خَاصَّةً فَيُجْعَلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى رَمَضَانَ وَالْآخَرِ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ هَلْ يَجُوزُ فِي الرِّوَايَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْمُخْبِرِ] ١
(الثَّامِنَةُ) : اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الرِّوَايَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْمُخْبِرِ بِأَنْ يَكُونَ وَرَاءَ حِجَابٍ إذَا كَانَ عَارِفًا بِالصَّوْتِ وَاعْتُمِدَ فِي ذَلِكَ عَلَى إخْبَارِ ثِقَةٍ فَإِنَّ «ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute