. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ وَهُمَا شَاذَّانِ ضَعِيفَانِ.
وَفِي وَجْهٍ يُفْتَقَرُ إلَى ذِكْرِ مُعْظَمِ الصِّفَاتِ وَضَبْطِ ذَلِكَ بِمَا يَصِفُهُ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْقَاضِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَفِي وَجْهٍ يُفْتَقَرُ إلَى صِفَاتِ السَّلَمِ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ.
وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ لَمْ يُجَوِّزُوا بَيْعَ الْغَائِبِ إلَّا مَعَ وَصْفِهِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَاعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَصْفَهُ بِمَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِهِ وَاشْتَرَطُوا أَيْضًا أَلَّا يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي مَكَان بَعِيدٍ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ خُرَاسَانَ وَلَا قَرِيبٍ يُمْكِنُ رُؤْيَتَهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَإِنْ كَانَ بِمَشَقَّةٍ جَازَ عَلَى الْأَشْهَرِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ الْمَطْوِيَّةِ وَشِبْهِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَمَلُ الْمَاضِينَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: أَجَازَ الْغَرَرَ الْكَثِيرَ وَمَنَعَ الْيَسِيرَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ كَمَا وُصِفَ فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا خِيَارَ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ عَلَى خِلَافِ تِلْكَ الصِّفَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَمَّا ذَكَرَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَمَنْ يَشْتَرِطُ الْوَصْفَ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ لَا يَكُونُ الْحَدِيثُ دَلِيلًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَصْفًا، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ اسْتَدَلُّوا عَلَى مَنْعِ الْغَائِبِ بِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ قَالَ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ إذَا وُصِفَ عَنْ رُؤْيَةٍ وَخِبْرَةٍ وَمَعْرِفَةٍ قَدْ صَحَّ مِلْكُهُ لِمَا اشْتَرَى فَأَيْنَ الْغَرَرُ.
قَالَ: وَمِمَّا يُبْطِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ يَتَبَايَعُونَ الضِّيَاعَ بِالصِّفَةِ وَهِيَ فِي الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ وَقَدْ بَاعَ عُثْمَانُ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَالًا لِعُثْمَانَ بِخَيْبَرَ بِمَالٍ لِابْنِ عُمَرَ بِوَادِي الْقُرَى انْتَهَى.
وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ نَقَلَ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَمَّا فَصَّلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُلْ سِوَى قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَعَمَلُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَوْ كَانَ هُنَا إجْمَاعٌ لَأَخَذْنَا بِهِ وَالنَّاصِرُونَ لِهَذَا الْقَوْلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ يَقُولُونَ فِي الْمُعَايَنَةِ وَالرُّؤْيَةِ مَا لَا يُدْرَكُ بِالْوَصْفِ وَلَيْسَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ كَالسَّلَمِ فَالْقَصْدُ هُنَا الْأَعْيَانُ وَهُنَاكَ الْأَوْصَافُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ]
{السَّادِسَةُ} اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأَعْمَى وَلَا شِرَاؤُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى الْوَصْفِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى رُؤْيَتِهِ فَيَكُونُ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى الْوَصْفِ وَيُقَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute