. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مَا خَلَقَهُ فِيك كَمَا خَلَقَهُ فِي كُلِّ إنْسَانٍ فَالْآيَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ لِمُحَمَّدٍ وَالْآخِرَتَانِ لِأُمَّتِهِ وَهُمَا قَوْلُهُ {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: ٤] {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥] ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أُمَّةً أُمِّيَّةً لَا تَكْتُبُ فَصَارُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَأَصْحَابَ قَلَمٍ، فَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ بِالْقَلَمِ وَتَعَلَّمَهُ نَبِيُّهُمْ تَلَقِّيًا مِنْ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى قَلْبِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ لِيَكُونَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ انْتَهَى.
[فَائِدَة معني الرَّجَفَان] ١
(الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَوْلُهُ «فَرَجَعَ بِهَا» أَيْ بِالْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَوْلِهِ اقْرَأْ إلَى قَوْلِهِ يَعْلَمْ، وَالرَّجَفَانُ الِاضْطِرَابُ وَشِدَّةُ الْحَرَكَةِ.
(التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَوْلُهُ «بَوَادِرُهُ» كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَمُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ بَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ جَمْعُ بَادِرَةٍ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ تَضْطَرِبُ عِنْدَ فَزَعِ الْإِنْسَانِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَسَائِرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ،، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْضًا يَرْجُفُ فُؤَادُهُ وَهُوَ الْقَلْبُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بَاطِنُهُ وَقِيلَ غِشَاؤُهُ وَقِيلَ عَيْنُهُ وَقِيلَ الْقَلْبُ مُضْغَةٌ مِنْ الْفُؤَادِ مُعَلَّقَةٌ بِالنِّيَاطِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَكَأَنَّ الرَّجَفَانَ فِي الْبَوَادِرِ وَالْفُؤَادِ وَلَعَلَّ رَجَفَانَ الْفُؤَادِ مُلَازِمٌ لِرَجَفَانِ الْبَوَادِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَعِلْمُ خَدِيجَةَ بِرَجَفَانِ فُؤَادِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَأَتْهُ حَقِيقَةٌ، وَيَجُوزُ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ وَعَلِمَتْهُ بِقَرَائِنِ وَصُورَةِ الْحَالِ.
(الثَّلَاثُونَ) قَوْلُهُ «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» كَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ مُكَرَّرًا مَرَّتَيْنِ وَمَعْنَاهُ غَطَّوْنِي بِالثِّيَابِ وَلُفُّونِي بِهَا وَالرَّوْعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْفَزَعُ.
[فَائِدَة لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الْفَازِعُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ مَا دَامَ فِي حَالِ فَزَعِهِ] ١
(الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِي كَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الْفَازِعُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ مَا دَامَ فِي حَالِ فَزَعِهِ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْعُورَ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعٌ وَلَا إقْرَارٌ وَلَا غَيْرُهُ فِي حَالِ فَزَعِهِ.
[فَائِدَة قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي]
(الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) قَوْلُهُ «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى الشَّكِّ فِيمَا أَتَاهُ مِنْ اللَّهِ لَكِنَّهُ رُبَّمَا خَشِيَ أَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى مُقَاوَمَةِ هَذَا الْأَمْرِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِ أَعْبَاءِ الْوَحْيِ فَتَزْهَقُ نَفْسُهُ أَوْ يَكُونُ هَذَا لِأَوَّلِ مَا رَأَى التَّبَاشِيرَ فِي النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ وَسَمِعَ الصَّوْتَ قَبْلَ لِقَاءِ الْمَلَكِ وَتَحَقُّقِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَيَكُونُ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَأَمَّا مُنْذُ جَاءَهُ الْمَلَكُ بِرِسَالَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهِ وَلَا يَخْشَى مِنْ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا