للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَائِلٍ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَإِنْ شَاءَ إلَى الْأُذُنَيْنِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهَذَا مَذْهَبٌ حَسَنٌ وَأَنَا إلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَمِيلُ انْتَهَى.

وَأَخَذَ بِحَدِيثِ وَائِلٍ فِي ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فَإِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِالْجَمِيعِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَإِمَّا أَنْ تُتْرَكَ رِوَايَةُ مَنْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِرِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ يَعْنِي رِوَايَةَ الرَّفْعِ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتُ إسْنَادًا وَأَنَّهَا حَدِيثُ عَدَدٍ وَالْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَيْفِيَّةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَا فَوْقَ أُذُنَيْهِ مَعَ رَأْسِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهُمَا إلَى صَدْرِهِ وَكُلُّهَا آثَارٌ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ وَأَثْبَتُ مَا فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَفِيهِ «حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ» وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ.

وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَع يَدَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَفِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ دُونَ ذَلِكَ قَلِيلًا وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ حَسَنٌ وَابْنُ عُمَرَ رَوَى الْحَدِيثَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَخْرَجِهِ وَتَأْوِيلِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيُّ فِي صِفَةِ الرَّفْعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

قِيلَ: حَذْوَ الصَّدْرِ، وَقِيلَ حَذْوَ الْمَنْكِبِ، وَقِيلَ حَذْوَ الْأُذُنِ فَأَمَّا حِيَالَ الصَّدْرِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَمَّا حِيَالَ الْمَنْكِبِ وَالْأُذُنِ فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنْ تَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ وَآخِرُ الْكَفِّ بِإِزَاءِ الْمَنْكِبَيْنِ فَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ بِحَيْثُ يُحَاذِي أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ أَيْ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتِي أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبِهَذَا جَمَعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ فَاسْتَحْسَنَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ فِي قَدْرِ الرَّفْعِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ:

(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ (وَالثَّانِي) إلَى أَنْ تُحَاذِيَ رُءُوسُ أَصَابِعِهِ أُذُنَيْهِ (وَالثَّالِثُ) إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>