. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَهَذَا تَنَاقُضٌ ثُمَّ اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِمَالِكٍ بِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» قَالَ فَقَوْلُهُ (بِكَيْلٍ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا خَالَفَهُ بِخِلَافِهِ.
(قُلْت) لَكِنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي نَهْيِ الَّذِينَ يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا عَنْ بَيْعِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ مِنْ مَكَانِهِ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ اشْتَرَاهُ جُزَافًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمَطْعُومِ سَوَاءٌ اشْتَرَى جُزَافًا أَوْ مِقْدَارًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الْوَقَارُ وَصَحَّحَهُ أَبُو عُمَرَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي لِثُبُوتِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَلِ أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ قَوْلِهِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا لَمْ يَقُلْ جُزَافًا وَلَا كَيْلًا بَلْ ثَبَتَ عَنْهُ فِيمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا جُزَافًا أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يَنْقُلَهُ وَيَقْبِضَهُ قَالَ وَضَعَّفُوا الزِّيَادَةَ فِي قَوْلِهِ طَعَامًا بِكَيْلٍ.
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا اشْتَرَى مِقْدَارًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ عَدَدٍ سَوَاءٌ كَانَ مَطْعُومًا أَمْ لَا فَإِنْ اشْتَرَى بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبَضَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عَنْهُ. انْتَهَى.
وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فَإِنَّهُ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الطَّعَامَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ أَصْلُهُ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ فَكُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَذَلِكَ حُكْمُهُ.
(قُلْت) وَيَرُدُّ هَذَا الْمَذْهَبَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى إنْ صَبَّرَ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ خَاصَّةً كَبَيْعِهِمَا كَيْلًا وَوَزْنًا.
(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) طَرْدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ الْمَطْعُومِ وَغَيْرِهِ. وَالْمُقَدَّرُ وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إلَّا الْعَقَارَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ.
(الْقَوْلُ الْخَامِسُ) مَنْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الْعَقَارِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute