{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨] قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْت فَاضْطَجَعْت عَلَى فِرَاشِي قَالَتْ وَأَنَا وَاَللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَاَللَّهُ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاَللَّهِ مَا كُنْت أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحَيٌّ يُتْلَى وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْت أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، قَالَتْ فَوَاَللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ حَتَّى إنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ
ــ
[طرح التثريب]
مَا بَغَتَهَا مِنْ الْكَلَامِ، فَإِنَّ الْحُزْنَ قَدْ انْتَهَى نِهَايَتَهُ وَبَلَغَ غَايَتَهُ وَلَمَّا انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى ذَلِكَ جَفَّ الدَّمْعُ وَأَنْشَدُوا عَلَى ذَلِكَ
عَيْنَيَّ شُحَّا أَوْ لَا تَشُحَّا ... جَلَّ مُصَابِي عَنْ الدَّوَاءِ
أَنَّ الْأَسَى وَالْبُكَا جَمِيعًا ... ضِدَّانِ كَالدَّاءِ وَالدَّوَاءِ
(الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ) : قَوْلُهَا لِأَبَوَيْهَا «أَجِيبَا عَنِّي:» فِيهِ تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إلَى الْكِبَارِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَقَاصِدِهِ وَاللَّائِقِ بِالْمَوَاطِنِ مِنْهُ وَأَبَوَاهَا يَعْرِفَانِ حَالَهَا وَأَمَّا قَوْلُ أَبَوَيْهَا «لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ» فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَأَلْتهمَا عَنْهُ لَا يَقِفَانِ مِنْهُ عَلَى زَائِدٍ عَلَى مَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِهَا وَالسَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعَاقُولِيِّ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ يَا بُنَيَّةَ وَكَيْفَ أَعْذُرُك بِمَا لَا أَعْلَمُ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إذَا قُلْت مَا لَا أَعْلَمُ،.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَ عُذْرُهَا قَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهَا فَقَالَتْ أَلَا عَذَرْتَنِي فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute