. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الشَّيْطَانِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَهْلُ الْوِلَايَةِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْخَاطِرَ الَّذِي مِنْ الْمَلَكِ مُسْتَقِرٌّ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ بِخِلَافِ الْخَاطِرِ الشَّيْطَانِيِّ فَإِنَّهُ مُضْطَرِبٌ لَا اسْتِقْرَارَ لَهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَجْزَاءُ النُّبُوَّةِ لَا يَعْلَمُهَا بَشَرٌ إلَّا الْأَنْبِيَاءُ وَمَنْ أُوتِيَ ذَلِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُقَسَّمَ النُّبُوَّةُ أَجْزَاءً تَبْلُغُ إلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ فَتَكُونُ الرُّؤْيَا جُزْءًا مِنْهَا قَالَ فَقُلْت لَهُ مَا تَفْعَلُ بِالْخَمْسِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالسَّبْعِينَ وَلَا تُنْسَبُ السِّتَّةُ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ السَّبْعِينَ بِنِسْبَةٍ عَدَدِيَّةٍ، وَإِنْ انْتَسَبَتْ الْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْهَا وَالْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ النُّبُوَّةِ فِي الْجُمْلَةِ لَنَا لِأَنَّهَا اطِّلَاعٌ عَلَى الْغَيْبِ وَتَفْصِيلُ النِّسْبَةِ يَخْتَصُّ بِهِ دَرَجَةُ النُّبُوَّةِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَلَا يُمْكِنُ إلْغَاءُ النِّسْبَةِ بَعْدَ ذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا وَغَايَتُهُ أَنْ لَا يَصِلَ عِلْمُنَا إلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ فَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَكِلُ عِلْمَهُ إلَى عَالَمِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا يَلْزَمُ الْعُلَمَاءُ أَنْ تَعْرِفَ كُلَّ شَيْءٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْعُلَمَاءِ حَدًّا تَقِفُ عِنْدَهُ فَمِنْهَا مَا لَا نَعْلَمُهُ أَصْلًا وَمِنْهَا مَا نَعْلَمُهُ جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا وَهَذَا مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسَةُ) لَا يُتَخَيَّلُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رُؤْيَا الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ الرُّؤْيَا إنَّمَا هِيَ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَلَيْسَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ جُزْءٌ مِنْ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ الرُّؤْيَا الْوَاقِعَةَ لِلصَّالِحِ تُشْبِهُ الرُّؤْيَا الْوَاقِعَةَ لِلْأَنْبِيَاءِ الَّتِي هِيَ فِي حَقِّهِمْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فَأَطْلَقَ أَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فِي الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يُوحَى إلَيْهِمْ فِي مَنَامِهِمْ كَمَا يُوحَى إلَيْهِمْ فِي الْيَقَظَةِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَاهُ أَنَّ الرُّؤْيَا تَجِيءُ عَلَى مُوَافَقَةِ النُّبُوَّةِ لَا أَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنْ النُّبُوَّةِ وَقَالَ آخَرُ مَعْنَاهُ إنَّهَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ وَعِلْمُ النُّبُوَّةِ بَاقٍ وَالنُّبُوَّةُ غَيْرُ بَاقِيَةٍ انْتَهَى. .
(فَإِنْ قُلْت) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قِيلَ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيَعْبُرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أَحَدٍ؟ فَقَالَ أَبِالنُّبُوَّةِ يُلْعَبُ؟ قِيلَ لَهُ فَهَلْ يَعْبُرُهَا عَلَى الْخَيْرِ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا عَلَى مَا أُوِّلَتْ عَلَيْهِ، قَالَ لَا، ثُمَّ قَالَ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ النُّبُوَّةِ فَلَا يُتَلَاعَبُ بِالنُّبُوَّةِ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute