. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
حَتَّى أَقُولَ دَعْ لِي دَعْ لِي قَالَتْ وَهُمَا جُنُبَانِ» .
وَقَالَ النَّسَائِيّ: يُبَادِرُنِي وَأُبَادِرُهُ حَتَّى يَقُولَ دَعِي لِي وَأَقُولُ دَعْ لِي وَلِلشَّيْخَيْنِ وَأَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ «كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» .
(الثَّانِيَةُ) الْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالرَّاءِ مَعًا وَآخِرُهُ قَافٌ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْفُصْحَى الشَّهِيرَةُ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى بِإِسْكَانِ الرَّاءِ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْفَرَقِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَهَابِهِ إلَى أَنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ صَاعِ الزَّكَاةِ وَصَاعِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَجَعَلَ صَاعَ الْجَنَابَةِ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رِطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» فَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَعَ حَدِيثِهِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ أَنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: «أَتَى مُجَاهِدٌ بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ فَقَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا» وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّاعُ بَلْ هُوَ مِثْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي اغْتِسَالِهِمَا بِالْفَرَقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ سُفْيَانُ مِنْ كَوْنِ الْفَرَقِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ الْفَرَقُ صَاعَانِ وَنِصْفٌ حَكَاهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَلَكِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَفْتُوحِ الرَّاءِ، وَالسَّاكِنِ الرَّاءِ فِي الْمِقْدَارِ فَقَالَ فِي الْمَفْتُوحِ الرَّاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ صَاعَيْنِ وَنِصْفًا وَقَالَ فِي السَّاكِنِ الرَّاءِ إنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ الْفَرَقُ إنَاءٌ ضَخْمٌ مِنْ مَكَايِيلِ الْعِرَاقِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَقِيلَ هُوَ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَكَاهُ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ تَحْدِيدَهُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ لِزَيْنَبِ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالْفَرَقِ» ، وَهُوَ الصَّاعُ فَفَسَّرَ الْفَرَقَ بِالصَّاعِ، وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ.
(وَالثَّالِثَةُ) فِيهِ جَوَازُ اغْتِسَالِ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ مَعًا وَاسْتِعْمَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِفَضْلِ الْآخَرِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ «يُبَادِرُنِي وَأُبَادَرُهُ» فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَعْمِلٌ لِفَضْلِ الْآخَرِ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute