للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَبِهِ يَحْصُلُ الرَّدُّ عَلَى النَّوَوِيِّ فِي كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ.

وَلَمْ يُقَيِّدْ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ بِخَوْفِ الْعَنَتِ وَعِبَارَتَهُ فِي الْمُحَلَّى: وَفُرِضَ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ عَلَى الْوَطْءِ إنْ وَجَدَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ الصَّوْمِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: قَسَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ النِّكَاحَ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ أَعْنِي الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَالتَّحْرِيمَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ، وَجَعَلَ الْوُجُوبَ فِيمَا إذَا خَافَ الْعَنَتَ وَقَدَرَ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَاجِبًا بَلْ إمَّا هُوَ وَإِمَّا التَّسَرِّي وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّسَرِّي تَعَيَّنَ النِّكَاحُ حِينَئِذٍ لِلْوُجُودِ لَا لِأَصْلِ الشَّرِيعَةِ. انْتَهَى.

وَكَانَ هَذَا التَّقْسِيمُ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَقَدْ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِهِمْ وَقَالَ: إنَّهُ وَاضِحٌ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالْعِرَاقِ إلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَهْلُ قُطْرٍ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَصَرَفَ الْجُمْهُورُ الْأَمْرَ هُنَا عَنْ ظَاهِرِهِ لِشَيْئَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَيَّرَ بَيْنَ التَّزْوِيجِ وَالتَّسَرِّي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] ثُمَّ قَالَ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] وَالتَّسَرِّي لَيْسَ بِوَاجِبٍ إجْمَاعًا فَالنِّكَاحُ لَا يَكُونُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ يَرْفَعُ وُجُوبَ الْوَاجِبِ وَبَسْطُ هَذَا فِي الْأُصُولِ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا الْمَازِرِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ مَا حَكَاهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ.

(وَثَانِيهِمَا) قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] وَلَا يُقَالُ فِي الْوَاجِبِ: إنَّ فَاعِلَهُ غَيْرُ مَلُومٍ قَالَ: ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فِي حَقِّ الشَّابِّ الْمُسْتَطِيعِ الَّذِي يَخَافُ الضَّرَرَ مِنْ الْعُزْبَةِ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي وُجُوبِ التَّزْوِيجِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ عَنْهُ وَرَدَ نَقْلُهُ الِاتِّفَاقَ، ثُمَّ قَالَ وَ (الثَّانِي) أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا يَجِبُ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَائِدِ الَّتِي أَرْشَدَ إلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَحْصِينِ الْفَرْجِ وَغَضِّ الْبَصَرِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ الَّذِي يَحْصُلُ دَفْعُ الشَّبَقِ إلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْحَدِيثُ وَمَا تَنَاوَلَهُ الْحَدِيثُ لَمْ يَذْهَبُوا إلَيْهِ.

(قُلْت) وَمِنْ الْعَجِيبِ اسْتِدْلَالُ الْخَطَّابِيِّ بِهِ عَلَى النِّكَاحِ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>