للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

ضُمِّرَتْ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ بِدُونِ هَمْزَةٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرِّوَايَةُ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ لَمْ تُضْمَرْ الْوَجْهَانِ إسْكَانُ الضَّادِ، وَتَخْفِيفُ الْمِيمِ، وَفَتْحُ الضَّادِ، وَتَشْدِيدُ الْمِيمِ. وَالْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ أُضْمِرَتْ الْأَوَّلُ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُعْلَفَ الْخَيْلُ حَتَّى تَسْمَنَ وَتَقْوَى ثُمَّ يُقَلَّلَ عَلَفُهَا فَلَا تُعْلَفَ إلَّا قُوتًا، وَتُدْخَلَ بَيْتًا كَنِينًا، وَتُغْشَى بِالْجِلَالِ حَتَّى تَحْمَى لِتَعْرَقَ وَيَجِفَّ عِرْقُهَا فَيَخِفَّ لَحْمُهَا وَتَقْوَى عَلَى الْجَرْيِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُطْعِمُهَا اللَّحْمَ وَاللَّبَنَ فِي أَيَّام التَّصَمُّرِ، وَ «الْحَفْيَاءُ» بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَإِسْكَانِ الْفَاءِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ يَجُوزُ فِيهِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَشْهَرُهُمَا وَأُفْصِحُهُمَا الْمَدُّ، وَالْحَاءُ مَفْتُوحَةٌ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْحَاءِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ، وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا الْحَيْفَاءُ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ عَلَى الْفَاءِ، وَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَغَيْرِهَا الْحَفْيَاءُ وَ «ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ» بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ النُّونِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ كَالثُّقْبِ. وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ مَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَيْضًا قِيلَ الطَّرِيقُ إلَى الْجَبَلِ، وَقِيلَ الْعَقَبَةُ، وَقِيلَ الْجَبَلُ نَفْسُهُ انْتَهَى.

وَأُضِيفَتْ هَذِهِ الثَّنِيَّةُ إلَى الْوَدَاعِ لِأَنَّ الْخَارِجِ مِنْ الْمَدِينَةِ يَمْشِي مَعَهُ الْمُوَدِّعُونَ إلَيْهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَزَعَمُوا أَنَّهَا إنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَدَّعَهُ بِهَا بَعْضُ الْمُقِيمِينَ بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَيَّعَ إلَيْهَا بَعْضَ سَرَايَاهُ فَوَدَّعَهُ عِنْدَهَا، وَقِيلَ إنَّ الْمُسَافِرَ مِنْ الْمَدِينَةِ كَانَ يُشَيَّعُ إلَيْهَا، وَيُوَدَّعُ عِنْدَهَا قَدِيمًا، وَصَحَّحَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْأَخِيرَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ حِينَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ

فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ قَدِيمٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَظُنُّهَا عَلَى طَرِيقِ مَكَّةَ. وَمِنْهَا بَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَظَهَرَ إلَى الْمَدِينَةِ فِي حِينِ إقْبَالِهِ مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ

طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ

وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا ... مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعٍ

انْتَهَى.

(وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ إنْشَادِهِمْ هَذَا الشَّعْرَ عِنْدَ قُدُومِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>