. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا نَقَصَ لَبَنُهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ احْتَمَلَ كَوْنُ النَّقْصِ لِعَارِضٍ مِنْ سُوءِ مَرْعَاهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ.
(السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) الْقَائِلُونَ بِامْتِدَادِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اخْتَلَفُوا فِي ابْتِدَائِهَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ الْعَقْدِ. وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ مِنْ التَّفَرُّقِ وَشَبَّهُوا الْوَجْهَيْنِ بِالْوَجْهَيْنِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ الْعَقْدِ وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ حِينِ تَبَيَّنَتْ التَّصْرِيَةُ.
(الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ) وَرَتَّبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِدَادِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فُرُوعًا. (مِنْهَا) لَوْ عَرَفَ التَّصْرِيَةَ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ امْتَدَّ الْخِيَارُ إلَى آخَرِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ التَّصْرِيَةَ فِي آخَرِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا خِيَارَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُدَّتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِامْتِنَاعِ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَالِمًا بِالتَّصْرِيَةِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَا خِيَارَ فِي الثَّالِثِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْمُدَّةَ مِنْ حِينِ مَعْرِفَةِ سَبَبِ الْخِيَارِ، وَإِلَّا كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْفَوْرُ مُتَّصِلًا بِالْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَخِيفَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ عِلْمُهُ بِهِ عَنْ الْعَقْدِ فَاتَ الْخِيَارُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ.
وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يَكُونَ الْفَوْرُ أَوْسَعَ مِنْ الثَّلَاثِ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ تُحْسَبَ الْمُدَّةُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفَسْخِ، وَذَلِكَ يُفَوِّتُ مَقْصُودَ التَّوَسُّعِ بِالْمُدَّةِ وَيُؤَدِّي إلَى نُقْصَانِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِهَا وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدِي أَظْهَرُ، وَأَوْفَقُ لِلْحَدِيثِ وَلِلْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْبَائِعُ التَّصْرِيَةَ بَلْ تَرَكَ الْحَلْبَ نَاسِيًا أَوْ لِشُغْلٍ عَرَضَ لَهُ أَوْ تَصَرَّتْ هِيَ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُهِيَ عَنْ التَّصْرِيَةِ؛ لِأَجْلِ الْبَيْعِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مَا هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ تَخَيَّرَ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ يَقَعْ فِيهَا تَصْرِيَةٌ لِأَجْلِ الْبَيْعِ