للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

{أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: ١٣] .

(الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ) قَوْلُهُ «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَهُوَ جَمْعُ مُخْرِجٍ وَأَصْلُهُ مُخْرِجُويَ فَأُدْغِمَتْ الْوَاوُ فِي الْيَاءِ فَالْيَاءُ الْأُولَى يَاءُ الْجَمْعِ وَالثَّانِيَةُ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ وَفُتِحَتْ لِلتَّخَفُّفِ لِئَلَّا تَجْتَمِعَ الْكَسْرَةُ وَالْيَاءَانِ بَعْدَ كَسْرَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ الْيَاءِ عَلَى وَجْهٍ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ تَشْدِيدُهَا وَهُوَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: ٢٢] .

(الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ) قَوْلُ وَرَقَةَ «نَعَمْ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَهُ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعُلَمَائِهِمْ فَقَالَهُ بِنَقْلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَهُ بِاسْتِقْرَاءٍ وَتَجْرِبَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ «لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إلَّا عُودِيَ» خَرَجَ مَخْرَجَ التَّسْلِيَةِ لَهُ وَأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَك أَذَى قَوْمِهِمْ لَهُمْ وَصَبْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ خَرَجَ مَخْرَجَ الدَّلِيلِ وَالِاسْتِشْهَادِ بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ.

(السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ وَرَقَةَ قَالَ «لَتُكَذِّبَنَّهُ وَلَتُؤْذِيَنَّهُ وَلَتُخْرِجَنَّهُ» ، فَقَالَ أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، فَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّ الْوَطَنِ وَشِدَّةِ مُفَارَقَتِهِ عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ «لَتُكَذِّبَنَّهُ» فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ «وَلَتُؤْذِيَنَّهُ» فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ «وَلَتُخْرِجَنَّهُ» ، فَقَالَ أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حَرَمُ اللَّهِ وَجِوَارُ بَيْتِهِ وَبَلْدَةُ أَبِيهِ إسْمَاعِيلَ؛ فَلِذَلِكَ تَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْخُرُوجِ مِنْهُ مَا لَمْ تَتَحَرَّكْ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ وَالْمَوْضِعُ الدَّالُ عَلَى تَحَرُّكِ النَّفْسِ وَتَحَرُّقِهَا إدْخَالُ الْوَاوِ بَعْدَ أَلْفِ الِاسْتِفْهَامِ مَعَ اخْتِصَاصِ الْإِخْرَاجِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاوَ تُرَدُّ إلَى الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَتُشْعِرُ الْمُخَاطَبَ بِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ أَوْ التَّكَلُّفِ لِكَلَامِهِ وَالتَّأَلُّمِ مِنْهُ انْتَهَى.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اسْتَبْعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي إخْرَاجًا بَلْ كَانَتْ مِنْهُ الْأَسْبَابُ الْمُتَكَاثِرَاتُ وَالْمَحَاسِنُ الْمُتَظَاهِرَاتُ الْمُوجِبَاتُ إكْرَامَهُ وَإِنْزَالَهُ بِأَعْلَى الدَّرَجَاتِ انْتَهَى.

(السَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ) قَوْلُهُ «وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُك» كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ «إنْ أُدْرِكْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ وَرَقَةَ سَابِقٌ بِالْوُجُودِ وَالسَّابِقُ هُوَ الَّذِي يُدْرِكُهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ كَمَا جَاءَ «أَشْقَى النَّاسِ مَنْ أَدْرَكَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>