للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَالرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِك وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنْ إيلِيَاءَ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَكَانَ الْأَسْوَدُ وَعَلْقَمَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَبُو إِسْحَاقَ يُحْرِمُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ، انْتَهَى لَكِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ، وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِعْلَهُ عَنْ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ بَلْ زَادَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فِكْرَةَ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إحْرَامَهُ مِنْ الْبَصْرَةِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٌ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ انْتَهَى وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ فَالْإِحْرَامُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمِيقَاتِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فَقَالَ إنْ أَحْرَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَلَا إحْرَامَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إذَا صَارَ إلَى الْمِيقَاتِ تَجْدِيدَ إحْرَامٍ وَحَكَاهُ عَنْ دَاوُد وَأَصْحَابِهِمْ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبِلَهُ عَلَى خِلَافِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ {الرَّابِعَةُ} قَوْلُهُ (وَقَّتَ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْ حَدَّدَ وَجَعَلَ لَهُمْ مِيقَاتًا وَحَدَّ الْحَدَّ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ وَمِنْهُ الْوَقْتُ وَالْمَوَاقِيتُ كُلُّهَا حُدُودٌ لِلْعِبَادَاتِ وَيَكُونُ وَقَّتَ بِمَعْنَى أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامَ مِنْهُ وَمِنْهُ {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: التَّوْقِيتُ وَالتَّأْقِيتُ أَنْ يُجْعَلَ لِلشَّيْءِ وَقْتٌ يُخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمُدَّةِ يُقَالُ وَقَّتَ الشَّيْءَ يُوَقِّتُهُ وَوَقَّتَهُ يَقِتُهُ إذَا بَيَّنَ مُدَّتَهُ ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهِ فَأَطْلَقَ عَلَى الْمَكَانِ فَقِيلَ لِلْمَوْضِعِ مِيقَاتٌ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْهُ وَأَصْلُهُ مِوْقَاتٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قِيلَ إنَّ التَّوْقِيتَ فِي اللُّغَةِ التَّحْدِيدُ لِلشَّيْءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ التَّوْقِيتَ تَحْدِيدٌ بِالْوَقْتِ فَيَصِيرُ التَّحْدِيدُ مِنْ لَوَازِمِ التَّوْقِيتِ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ تَوْقِيتٌ وَقَوْلُهُ هُنَا وَقَّتَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّحْدِيدُ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>