. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
كَانَ الطَّائِفِيُّ فَهُوَ سَاقِطٌ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَأَمَّا سَائِرُ الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ فَقَالُوا كَمَا قَدَّمْنَا وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ أَهَلَّ مَعَهُ بِعُمْرَةٍ أَيْضًا وَلَكِنَّهُ سَكَتَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ ذِكْرِهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُحَدِّثَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.
وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» فَقَوْلُ الْقَائِلِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ يَقْتَضِي الْعُمْرَةَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَمْ يُقَلْ الرَّاوِي أَفْرَدَ الْحَجَّ وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَيَشُدُّ هَذَا مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً» .
وَالْأَظْهَرُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ» إنَّمَا أَرَادَ إهْلَالَهُ بِقَوْلِهِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ» فَصَحَّ أَنَّهُ عَنَى بِالتَّوْحِيدِ هَذِهِ التَّلْبِيَةَ إلَّا إفْرَادَ الْحَجِّ وَصَحَّ أَنَّ قَوْلَ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَفْرَدَ الْحَجَّ إنَّمَا هُوَ اخْتِصَارٌ مِنْهُ وَظَنٌّ لَا مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ.
وَيُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ» .
ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُحِلَّ مِنْهَا وَهَذِهِ صِفَةُ الْقِرَانِ وَهَكَذَا مَعْنَى حَدِيثِهِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَنْتَ إذَا أَضَفْت قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي حَسَّانَ عَنْهُ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهَلَّ بِالْحَجِّ» إلَى قَوْلِ مُسْلِمٍ الْقَوِيِّ عَنْهُ «أَنَّهُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ» صَحَّ الْقِرَانُ يَقِينًا وَصَدَقَتْ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا إلَّا بِتَكْذِيبِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَبِهَذَا يَتَآلَفُ جَمِيعُ الرِّوَايَاتِ وَيَصِحُّ تَصْدِيقُ جَمِيعِهَا وَإِضَافَةُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ قَالَ فَوَهَتْ رِوَايَاتُ الْإِفْرَادِ وَسَقَطَتْ كُلُّهَا ثُمَّ عُدْنَا إلَى الرِّوَايَاتِ فَوَجَدْنَا عَائِشَةَ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ وَعِمْرَانَ وَابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرُوا «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَمَتَّعَ» .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ «وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ» ثُمَّ لَمَّا فَسَّرُوا أَقْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ أَتَوْا بِصِفَةِ الْقِرَانِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى أَتَمَّ جَمِيعَ عَمَلِ الْحَجِّ وَصَدَرَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا احْتَمَلَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ وَسَعْدٍ فِي التَّمَتُّعِ أَنَّهُمَا عَنَيَا بِذَلِكَ الْقِرَانَ مَعَ شُهْرَةِ قَوْلِهِ «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» .
وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ ثُمَّ أَحَلَّ مِنْهَا وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ فَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَلَمَّا وَهَتْ رِوَايَاتُ التَّمَتُّعِ أَيْضًا وَبَطَلَ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ لَمْ يَبْقَ إلَّا رِوَايَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute