قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّى كُنْت أَهْلَلْت بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِحَجَّتِي قَالَ اُنْقُضِي رَأْسَك وَامْتَشِطِي وَامْسِكِي عَنْ الْعُمْرَةِ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ
ــ
[طرح التثريب]
عُرْوَةَ عَلَى رِوَايَتِهِ لِأَنَّ عُرْوَةَ قَالَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْهُ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا دَعِي عُمْرَتَك» .
فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ الْحَدِيثَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَيْسَ هَذَا بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِمَّنْ حَدَّثَهُ ذَلِكَ قَالُوا أَيْضًا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ عَمْرَةَ وَالْقَاسِمِ نَسَّقَتْ عَمَلَ عَائِشَةَ فِي الْحَجِّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَلِهَذَا قَالَ الْقَاسِمُ عَنْ رِوَايَةِ عَمْرَةَ نَبَّأَتْك بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ عُرْوَةَ إنَّمَا أَخْبَرَ فِيهَا عَنْ آخِرِ أَمْرِ عَائِشَةَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ مُمْكِنٌ فَأَحْرَمْت أَوَّلًا بِالْحَجِّ كَمَا صَحَّ عَنْهَا فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَكَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ أَحْرَمْت بِالْعُمْرَةِ حِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَهَكَذَا فَسَّرَهُ الْقَاسِمُ فِي حَدِيثِهِ فَأَخْبَرَ عُرْوَةُ بِاعْتِمَارِهَا فِي آخِرِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ أَمْرِهَا.
قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يُعَارَضُ هَذَا بِمَا صَحَّ عَنْهَا فِي إخْبَارِهَا عَنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا أَحْرَمَتْ هِيَ بِعُمْرَةٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ ثُمَّ فَسَخَتْهُ إلَى عُمْرَةٍ حِينَ أَمَرَ النَّاسَ بِذَلِكَ فَلَمَّا حَاضَتْ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا إتْمَامُ الْعُمْرَةِ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهَا وَإِدْرَاكُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَأَحْرَمَتْ بِهِ فَصَارَتْ مُدْخِلَةً لِلْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَقَارِنَةً وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَمَّنْ رَجَّحَ رِوَايَةَ عُرْوَةَ فِي إحْرَامِهَا بِعُمْرَةٍ أَنَّ جَابِرًا رَوَى ذَلِكَ أَيْضًا قَالُوا وَلَيْسَ فِي قَوْلِهَا «كُنَّا مُهَلِّينَ بِالْحَجِّ وَخَرَجْنَا لَا نَرَى إلَّا الْحَجَّ» .
بَيَانُ أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ مُهِلَّةٌ بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْلَالٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَتُرِيدُ بَعْضَهُمْ أَوْ أَكْثَرَهُمْ وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال الْمُحْتَمَلُ لِلتَّأْوِيلِ كَالتَّصْرِيحِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الِاضْطِرَابُ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا هَذَا فِي الْحَجِّ عَظِيمٌ.
وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ وَدَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِبَعْضٍ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَرَامَ قَوْمٌ الْجَمْعَ فِي بَعْضِ مَعَالِيهَا ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا يُرِيدُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute