. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
كَلَامُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ «وَلَا الْقَبَاءَ» وَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَفِيهِ «وَالْأَقْبِيَةَ» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا وَقَالَ وَالِدِي إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «لَا يَلْبَسُ» الْأَشْهَرُ فِيهِ الرَّفْعَ عَلَى الْخَبَرِ وَيَجُوزُ فِيهِ الْجَزْمُ عَلَى النَّهْيِ وَهَذَا الْجَوَابُ مُطَابِقٌ لِلسُّؤَالِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الَّتِي نَقَلَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَهِيَ قَوْلُ السَّائِلِ مَا يَتْرُكُ الْمُحْرِمُ وَكَذَا هِيَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد كَمَا تَقَدَّمَ وَبِمَعْنَاهَا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ» وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فَإِنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ مَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ فَأُجِيبُ بِذِكْرِ مَا لَا يَلْبَسُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ مَحْصُورٌ فَذِكْرُهُ أَوْلَى وَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِخِلَافِ مَا يُبَاحُ لَهُ لُبْسُهُ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَذِكْرُهُ تَطْوِيلٌ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ لَمْ يُحْسِنْ السُّؤَالَ وَأَنَّهُ كَانَ الْأَلْيَقُ السُّؤَالَ عَمَّا يَتْرُكُهُ فَعَدَلَ عَنْ مُطَابِقَتِهِ إلَى مَا هُوَ أَوْلَى، وَبَعْضُ عُلَمَاءِ الْمَعَانِي يُسَمِّي هَذَا أُسْلُوبُ الْحَكِيمِ وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة: ٢١٥] الْآيَةَ فَالسُّؤَالُ عَنْ جِنْسِ الْمُنْفَقِ فَعَدَلَ عَنْهُ فِي الْجَوَابِ إلَى ذِكْرِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَكَانَ اعْتِنَاءُ السَّائِلِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ أَوْلَى وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ وَجَزْلِهِ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ لَا تَلْبَسُوا كَذَا وَكَذَا فَحَصَلَ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ الْمَذْكُورَاتِ وَيَلْبَسُ مَا عَدَاهَا فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِمَا لَا يَلْبَسُ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فَأَمَّا الْمَلْبُوسُ الْجَائِزُ لِلْمُحْرِمِ فَغَيْرُ مُنْحَصِرٍ فَضَبَطَ الْجَمِيعَ بِقَوْلِهِ لَا يَلْبَسُ كَذَا وَكَذَا يَعْنِي وَيَلْبَسُ مَا سِوَاهُ اهـ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ كَيْفَ كَانَ لَوْ بِتَغْيِيرٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ.
(الثَّالِثَةُ) الْقَمِيصُ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ قُمُصٌ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمِيمِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ مِيمِهِ وَهُوَ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ فِي الْجَمْعِ الَّذِي عَلَى وَزْنِ فُعُلٍ وَجَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِالْإِفْرَادِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْجَمْعِ وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute