للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مِنْ الْوَحْشِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُبَاحِ اللَّحْمِ فِي الْإِحْلَالِ وَأَنْ يَكُونَ يَضُرُّ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَرَ أَنْ تُقْتَلَ الْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ مَعَ ضَعْفِ ضُرِّهِمَا إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَانَ مَا جَمَعَ أَنْ لَا يُؤْكَلَ لَحْمُهُ وَضُرُّهُ أَكْثَرُ مِنْ ضُرِّهَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ مُبَاحًا انْتَهَى وَقَالَ أَصْحَابُهُ هَذَا الضَّرْبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

(أَحَدُهَا) مَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ الْمُؤْذِيَاتُ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالدُّبِّ وَالنَّسْرِ وَالْعُقَابِ وَالْبُرْغُوثِ وَالْبَقِّ وَالزُّنْبُورِ وَالْقُرَادِ وَالْحَلَمَةِ وَالْقِرْقِسِ وَأَشْبَاهِهَا.

(الْقِسْمُ الثَّانِي) مَا فِيهِ نَفْعٌ وَمَضَرَّةٌ كَالْفَهْدِ وَالْعُقَابِ وَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يُعَلِّمُ الِاصْطِيَادَ وَلَا يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَضَرَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ.

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَالْخَنَافِسِ وَالْجُعْلَانِ وَالدُّودِ وَالسَّرَطَانِ وَالْبُغَاثَةِ وَالرَّخَمَةِ وَالذُّبَابِ وَأَشْبَاهِهَا فَيُكْرَهُ قَتْلُهَا وَلَا يَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُهُمْ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجْهًا أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُ الطُّيُورِ دُونَ الْحَشَرَاتِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا التَّقْسِيمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ وَكَلَامُ الْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا يُضْمَنُ بِالْإِحْرَامِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْذِيًا وَجَوَّزَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَكُلَّمَا عَدَا عَلَيْهِ أَوْ آذَاهُ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ أَرَادَ مَا بَدَأَ الْمُحْرِمُ فَعَدَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ أَرَادَ مَا طَبْعُهُ الْأَذَى وَالْعُدْوَانُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَذًى فِي الْحَالِ وَكَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْظُرُ إلَى الْمَعْنَى وَلَا يُعَدِّي بِالْقِيَاسِ لَكِنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الصَّيْدِ فَلَا يَتَعَدَّى وَلَا ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَجَابَ عَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ بِمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ كَوْنَ الْمَعْنَى عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَنَعَ الْأَكْلَ بِوَاسِطَةِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ وَأَرَادَ بِهِ النَّوَوِيَّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ جَوَازَ الْقَتْلِ غَيْرُ جَوَازِ الِاصْطِيَادِ وَإِنَّمَا يَرَى الشَّافِعِيُّ جَوَازَ الِاصْطِيَادِ وَعَدَمَ وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِالْقَتْلِ لِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>