. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَتْلُ صِغَارِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَشَنَّعَ عَلَيْهِمْ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ صِغَارِ الْغِرْبَانِ وَالْحُدَيَّا وَبَيْنَ صِغَارِ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَبَيْنَ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَبَيْنَ سِبَاعِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَقَالَ هَلَّا قَاسُوا سِبَاعَ الطَّيْرِ عَلَى الْحِدَأَةِ كَمَا قَاسُوا سِبَاعَ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ؟ ، وَقَوَّى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ التَّعْلِيلَ بِالْأَذَى عَلَى التَّعْلِيلِ بِحُرْمَةِ الْأَكْلِ فَقَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْدِيَةَ بِمَعْنَى الْأَذَى إلَى كُلِّ مُؤْذٍ قَوِيٌّ بِالْإِضَافَةِ إلَى تَصَرُّفِ الْقِيَاسَيْنِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْإِيمَاءِ بِالتَّعْلِيلِ بِالْفِسْقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الْحَدِّ.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِحُرْمَةِ الْأَكْلِ فَفِيهِ إبْطَالُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ إيمَاءُ النَّصِّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْفِسْقِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنْ يَتَقَيَّدَ الْحُكْمُ بِهَا وُجُودًا وَعَدَمًا فَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّدْ وَثَبَتَ الْحُكْمُ عِنْدَ عَدَمِهَا بَطَلَ تَأْثِيرُهَا بِخُصُوصِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ النَّصِّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِهَذَا وَاقْتَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُمْ ضَمُّوا إلَيْهَا الْحَيَّةَ أَيْضًا وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَضَمُّوا إلَيْهَا الذِّئْبَ أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْهُمْ وَقَدْ ذُكِرَ الذِّئْبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الذِّئْبُ وَيُقَالُ إنَّ الذِّئْبَ فِي مَعْنَاهُ اهـ وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ فَيُقَالُ لِمَ اقْتَصَرَ فِي الْإِلْحَاقِ عَلَى الذِّئْبِ وَلِمَ لَا يُلْحِقُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلَّ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ نَمِرٍ وَخِنْزِيرٍ وَدُبٍّ وَقِرْدٍ وَغَيْرِهَا وَذَكَرَ الذِّئْبَ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الذِّئْبِ» الْحَدِيثَ.
قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ جَعَلَ الذِّئْبَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلْبًا عَقُورًا أَيْ لِذِكْرِهِ بَدَلَهُ قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَفِيهِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ (يَعْنِي الْمُحْرِمَ) ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا جَيِّدًا ثُمَّ رَوَاهُ كَذَلِكَ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى.
وَمَحَلُّ الْمَنْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute