للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ سَدِيدَ الْحَلْقِ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبْطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الرِّجَالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَدْحٌ (قُلْت) تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ الْأُولَى أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَصَفَ عِيسَى بِالسُّبُوطَةِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ» فَتَبَيَّنَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ وُصِفَ بِالْجُعُودَةِ.

{الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُهُ «كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» رُوِيَ بِالْهَمْزِ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ فَمَنْ هَمَزَ فَمَعْنَاهُ ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ فَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ صَحِيحِهِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَوَيْنَا هَذَا الْحَرْفَ وَهُوَ طَافِيَةٌ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزَةِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ حَجَرًا وَلَا نَاتِئَةً وَأَنَّهَا مَطْمُوسَةٌ وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.

وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ «لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ» فَيُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزِ لَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تَكُونَ الْمَطْمُوسَةَ وَالْمَمْسُوحَةَ وَاَلَّتِي لَيْسَتْ حَجَرًا وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءُ الطَّائِفَةُ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَاَلَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِئَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرُ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيْ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ فَإِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا، وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا انْتَهَى كَلَامُ الْقَاضِي.

وَحَكَاهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنْ الْحُسْنِ وَذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>