. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ابْنُ الْمُؤَمَّلِ غَيْرُهُ وَابْنُ الْمُؤَمَّلِ لَمْ يَطْعَنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ سُوءُ حِفْظِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى إيجَابِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا السَّعْيَ بَيْنَهُمَا أَوْ السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ بَعْضُ الْعَمَلِ وَجَبَ فِي كُلِّهِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَقَوْلِهَا فِيهِ ثُمَّ «قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا» وَبِقَوْلِهَا فِيهِ أَيْضًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «وَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» .
(الثَّالِثُ) اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا «بِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَسْعَى بَيْنَهُمَا فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَقَالَ خُذُوا عَنَى مَنَاسِكَكُمْ» .
(الرَّابِعُ) وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ: فَقَالَ «قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا وَقَالَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] » .
وَقَالَ عَمْرٌو (سَأَلْنَا جَابِرًا فَقَالَ لَا يُقَرُّ بِهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) .
(الْخَامِسُ) اسْتَدَلَّ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: حَجَجْتَ؟ فَقُلْتُ نَعَمْ، فَقَالَ بِمَ أَهْلَلْتَ، فَقُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ قَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» .
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ بِهَذَا صَارَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْعُمْرَةِ فَرْضًا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُمَا قَالَا: إذَا أُنْسِيَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ حَاجٌّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ وَلَا يُجْزِيهِ إلَّا الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا وَحَكَاهُ