. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ مَنْعُ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ أُجْرَةً هَلْ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ؛ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَرْجَحُ هُنَا جَوَازُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرو بْنُ الصَّلَاحِ وَيَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى مَنْعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ؛ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْجَوَازَ وَرَجَّحَ الْغَزَالِيُّ الْمَنْعَ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ {الْعَاشِرَةُ} قَوْلُهُ وَيْلَك كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّغْلِيظِ عَلَى الْمُخَاطَبِ وَأَصْلُهَا لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ وَهُوَ يَسْتَحِقُّهَا فَهِيَ كَلِمَةُ عَذَابٍ بِخِلَافِ وَيْحَ فَهِيَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ وَفِيهَا هُنَا وَجْهَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا الْأَصْلِيِّ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الرُّكُوبِ فَقَدْ وَقَعَ فِي تَعَبٍ وَجَهْدٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «وَقَدْ جَهِدَهُ الْمَشْيُ» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَهُوَ مُرَاجَعَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَأَخُّرُ امْتِثَالِهِ أَمْرَهُ (فَإِنْ قُلْت) هَذَا الْأَمْرُ إنَّمَا هُوَ لِلْإِبَاحَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَكَيْفَ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ بِتَرْكِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا حَرَجَ فِيهِ؟ (قُلْت) لِمَا فُهِمَ مِنْهُ مِنْ تَوَقُّفِهِ فِي الْإِبَاحَةِ حَيْثُ صَارَ يُعَارِضُ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِالرُّكُوبِ بِقَوْلِهِ أَنَّهَا بَدَنَةٌ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ رُكُوبُهَا لِكَوْنِهَا هَدْيًا (فَإِنْ قُلْت) مُعَارَضَتُهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِبَاحَةِ شَدِيدَةٌ تُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ فَكَيْفَ مُخَلَّصُ هَذَا الرَّجُلِ مِنْهَا؟ (قُلْت) مَا عَارَضَ عِنَادًا بَلْ ظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا هَدْيٌ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ ارْكَبْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَدَنَةً بَادَرَ لِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَرَكِبَ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (فَإِنْ قُلْتَ) فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَدَأَهُ بِقَوْلِهِ وَيْلَك ثُمَّ قَالَهُ لَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ (قُلْتُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأُولَى لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَهُوَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْجَهْدِ وَالْمَشَقَّةِ بِالْمَشْيِ وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَهُوَ مُرَاجَعَتُهُ لَهُ وَتَأَخُّرُ امْتِثَالِ أَمْرِهِ.
(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute