للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

قَبْلَهُ؛ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَنْ يَقُولَ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ لِمَعْنًى فَإِذَا كَانَ مِثْلَهُ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ لَمْ يَكُنْ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ يَقُولَ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتٍ ثُمَّ أَرْخَصَ فِيهِ بَعْدَهُ وَالْآخَرُ مِنْ أَمْرِهِ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الصَّحِيحُ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالَةِ الضِّيقِ وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَعُودَ الْمَنْعُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْعِلَلِ فِي الْحَدِيثِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا دَفَّتْ الدَّافَّةُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِنْ لَمْ تَدِفَّ دَافَّةٌ فَالرُّخْصَةُ ثَابِتَةٌ بِالْأَكْلِ وَالتَّزَوُّدِ وَالِادِّخَارِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ مَنْسُوخًا فِي كُلِّ حَالٍ انْتَهَى وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ حَدِيثُ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِعِلَّةٍ وَلَمَّا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ لِارْتِفَاعِ مُوجِبِهِ لَا لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَتَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ وَيَعُودُ الْحُكْمُ لِعَوْدِ الْعِلَّةِ فَلَوْ قَدِمَ عَلَى أَهْلِ بَلْدَةٍ نَاسٌ مُحْتَاجُونَ فِي زَمَانِ الْأَضْحَى وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ سَعَةٌ يَسُدُّونَ بِهَا فَاقَتَهُمْ إلَّا الضَّحَايَا لَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَدَّخِرُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ.

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ نَسْخًا وَلَكِنَّ التَّحْرِيمَ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ وَلَكِنْ لَا يَعُودُ الْحُكْمُ لَوْ عَادَتْ وَهَذَا وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ.

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) أَنَّ النَّهْيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْكَرَاهَةِ وَهَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُشْبِهُ أَنَّهُ يَكُونُ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ إذَا كَانَتْ الدَّافَّةُ؛ عَلَى مَعْنَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى مَعْنَى الْفَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبُدْنِ {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: ٣٦] وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْبُدْنِ الَّتِي يَتَطَوَّعُ بِهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ هَؤُلَاءِ وَالْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ، قَالُوا وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ فَدَفَّتْ دَافَّةٌ وَاسَاهُمْ النَّاسُ، وَحَمَلُوا عَلَى هَذَا مَذْهَبَ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ انْتَهَى وَإِلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>