للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا بِاجْتِهَادِهِ هَذَا مَيْتَةٌ، وَالْمَيْتَةُ حَرَامٌ فَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَكْلُهَا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَقَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ لَكُمْ وَإِنْ كَانَ مَيْتَةً؛ لِأَنَّكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ اُضْطُرِرْتُمْ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ الْمَيْتَةَ لِمَنْ كَانَ مُضْطَرًّا غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ، وَقَدْ تَبَيَّنَ آخِرًا عِنْدَ سُؤَالِهِمْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا بِكَوْنِهِمْ مُضْطَرِّينَ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَوَّبَ رَأْيَهُمْ وَطَيَّبَ خَاطِرَهُمْ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حِلِّهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا وَفِيهِ إبَاحَةُ مَيْتَةِ الْبَحْرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا مَاتَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِاصْطِيَادٍ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ الطَّافِي وَهُوَ الَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ بِلَا سَبَبٍ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَعَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦] أَنَّ صَيْدَهُ مَا صِدْتُمُوهُ وَطَعَامُهُ مَا قَذَفَهُ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ بِتَحْرِيمِ مَا مَاتَ بِنَفْسِهِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَطَاوُسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَفِيمَا طَفَا مِنْ السَّمَكِ عَلَى الْمَاءِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يُؤْكَلَ مَا يُوجَدُ فِي حَافَتَيْ الْبَحْرِ، وَمَا جَزَرَ عَنْهُ وَلَا يُؤْكَلُ مَا كَانَ طَافِيًا مِنْهُ هَذَا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَمِمَّنْ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ الطَّافِي مِنْ السَّمَكِ طَاوُسٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ حِلَّ مَيْتَةِ الْبَحْرِ وَيُكْرَهُ أَكْلُ الطَّافِي مِنْهُ قَالَ: وَمَيْتَةُ الْبَحْرِ مَا لَفَظَهُ لِيَكُونَ مَوْتُهُ مُضَافًا إلَى الْبَحْرِ لَا مَا مَاتَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ آفَةٍ انْتَهَى.

وَقَدْ عَرَفْت الْخِلَافَ عِنْدَهُمْ فِي الْمَكْرُوهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>