للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حَدِيثِ جَهْجَاهٍ الْغِفَارِيِّ بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَأَنَّهُ هُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ الَّذِي شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ أَوَّلًا وَقَالَ فِيهِ (يَأْكُلُ) وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ.

ــ

[طرح التثريب]

فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَقْوَالٍ " أَحَدُهَا " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِشَارَةُ فِيهِ إلَى كَافِرٍ بِعَيْنِهِ لَا إلَى جِنْسِ الْكُفَّارِ وَلَا سَبِيلَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدْفَعُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ كَافِرٌ أَقَلَّ أَكْلًا مِنْ مُؤْمِنٍ وَيُسْلِمُ الْكَافِرُ فَلَا يَنْقُصُ أَكْلُهُ؟ وَلَا يَزِيدُ وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّآتِهِ بَعْدَهُ مُفَسِّرًا لَهُ وَهَذَا عُمُومٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إذْ كَانَ كَافِرًا كَانَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ فَلَمَّا آمَنَ عُوفِيَ وَبُورِكَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَكَفَاهُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةِ أَجْزَاءَ مِمَّا كَانَ يَكْفِيهِ إذْ كَانَ كَافِرًا خُصُوصًا لَهُ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَافِرُ وَهَذَا الْمُؤْمِنُ انْتَهَى.

وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ هَذَا الْكَافِرُ مَخْصُوصٌ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي مُبْهَمَاتِهِ " الثَّانِي " أَنَّ هَذَا مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُؤْمِنِ وَزُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا وَلِلْكَافِرِ وَحِرْصِهِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّ الْكَافِرَ لِحِرْصِهِ عَلَى الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، وَكَأَنَّ الْمُؤْمِنَ لِزُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا وَتَقَلُّلِهِ مِنْهَا يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْأَمْعَاءِ وَلَا حَقِيقَةَ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الِاتِّسَاعُ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلُ مِنْهَا فَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْأَكْلِ عَنْ أَخْذِ الدُّنْيَا وَبِالْأَمْعَاءِ عَنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ " الثَّالِثُ ": أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ قِلَّةُ الْأَكْلِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ مَقْصُودَ الشَّرْعِ مِنْ الْأَكْلِ مَا يَسُدُّ الْجُوعَ وَيُمْسِكُ الرَّمَقَ وَيُقَوِّي عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفِهِمْ مِنْ حِسَابِ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ وَاقِفِينَ مَعَ الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَإِنَّمَا هُمْ تَابِعُونَ لِشَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ مُسْتَرْسِلُونَ فِيهَا غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ تَبِعَةِ الْحَرَامِ وَوَرْطَتِهِ فَصَارَ أَكْلُ الْمُؤْمِنِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا نُسِبَ لِأَكْلِ الْكَافِرِ كَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>