. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ جَازَ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالْجَوْزِ وَالْكُمَّثْرَى لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ.
(الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ) بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ إدْرَاكِهَا فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدْ أَكَلَ مَالَ أَخِيهِ بِالْبَاطِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ فَإِذَا شَرَطَ الْقَطْعَ فَقَدْ انْتَفَى هَذَا الضَّرَرُ وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَبِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صَفْقَتَيْنِ وَهُوَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ.
(الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ) بَيْعُهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا تَبْقِيَةٍ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْبُطْلَانُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى الصِّحَّةِ وَعَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ سَبَبُهُمَا الْخِلَافُ فِي إطْلَاقِ الْعَقْدِ هَلْ يَقْتَضِي التَّبْقِيَةَ فَيَبْطُلُ كَمَا فِي اشْتِرَاطِهَا أَوْ الْقَطْعَ فَيَصِحُّ كَاشْتِرَاطِهِ وَالْأَوَّلُ رَأْيُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي حِكَايَتِهِمْ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَابَعَهُمْ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَيْ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحْرِزٍ وَأَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِقْرَاءً مِنْ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ فِيمَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةَ نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَجَذَّهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: الْبَيْعُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَيْعٍ شَرْطٌ أَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ صَرْفُ الْإِطْلَاقِ إلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ كَمَا بَعْدَ الزَّهْوِ؛ وَلِأَنَّ التَّبْقِيَةَ انْتِفَاعٌ بِمِلْكٍ آخَرَ لَمْ يُشْتَرَطْ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَأَجَابَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِجَوَابَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ وَتُخْلَقَ فَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِتَفْسِيرِهِ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ صُفْرَتُهُ وَحُمْرَتُهُ وَبِأَنَّهُ صَلَاحُهُ لِلْأَكْلِ مِنْهُ وَبِأَنَّهُ ذَهَابُ عَاهَتِهِ وَبِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا أَيْ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا رُفِعَتْ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ» وَالنَّجْمُ الثُّرَيَّا، وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحِجَازِ خَاصَّةً لِشِدَّةِ حَرِّهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ بَعْضِ مَنْ يُسَوِّي الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ قَدْ عَرَفْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute