. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْعِلْمِ وَهْمًا وَجَعَلَ الْقَوْلَ بِهِ شُذُوذًا وَمَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ قَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ فُقَهَاءُ عُدُولٌ. {الْعَاشِرَةُ} اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ هَلْ يُقْتَصَرُ بِهَا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ النَّخْلُ أَمْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) اخْتِصَاصُهَا بِالنَّخْلِ وَهَذَا قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي تَرْكِ الْقِيَاسِ.
(الثَّانِي) تَعَدِّيهِمَا إلَى الْعِنَبِ بِجَامِعِ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ مِنْ إمْكَانِ الْخَرْصِ فَإِنَّ ثَمَرَتَهُمَا مُتَمَيِّزَةٌ مَجْمُوعَةٌ فِي عَنَاقِيدِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الثِّمَارِ فَإِنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مُسْتَتِرَةٌ بِالْأَوْرَاقِ لَا يَتَأَتَّى خَرْصُهَا وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
(الثَّالِثُ) تَعَدِّيهَا إلَى كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِنْ الثِّمَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ عِلَّةَ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ النَّصِّ، وَأَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ الْبُسْرُ مِمَّا لَا يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبُ مِمَّا لَا يَتَزَبَّبُ لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ مِنْهُ بِخَرْصِهَا بَلْ يَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ؛ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ.
(الرَّابِعُ) تَعَدِّيهَا إلَى كُلِّ ثَمَرَةٍ مُدَّخَرَةٍ وَغَيْرِ مُدَّخَرَةٍ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} لَمْ يُقَيِّدْ الرُّخْصَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَدْرٍ مَخْصُوصٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ دَاوُد فَجَعَلَ الْفُقَهَاءُ هَذَا الْحَدِيثَ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَقَالُوا تَتَقَيَّدُ الرُّخْصَةُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ وَجَاءَتْ الْعَرَايَا رُخْصَةً وَشَكَّ الرَّاوِي فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَهَا فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ وَهُوَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَبَقِيَتْ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ عَلَى التَّحْرِيمِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَرِوَايَةُ الْمَصْرِيِّينَ الْجَوَازُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَتَوْجِيهُ جَعْلِ الْخَرْصِ أَصْلًا إلَّا فِي نَخْلٍ يَتَيَقَّنُ فِيهِ الْمَنْعُ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَخْتَصُّ الرُّخْصَةُ بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute