للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

إلَى الْيَمِينِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَلَوْ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَكَانَ كَافِيًا فِي رَفْعِ الْعَقْدِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ حَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، أَمَّا النَّسْخُ لِأَجْلِ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَمُجَرَّدُ الْمُخَالَفَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِتَقْدِيمِ دَلِيلٍ آخَرَ رَاجِحٍ فِي ظَنِّهِمْ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا حَدِيثُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ أَوْ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِ التَّفَرُّقِ وَزَمَنِ الْمَجْلِسِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَلَا حَاجَةَ إلَى النَّسْخِ، وَالنَّسْخُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ. انْتَهَى.

(ثَالِثُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَبَايِعِينَ الْمُتَسَاوِمَانِ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ خِيَارُ الْقَبُولِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ إيجَابِ الْبَائِعِ إنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَالْبَائِعُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِيجَابِ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ وَحَكَاهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَدَّ بِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُتَسَاوِمَيْنِ مُتَبَايِعَيْنِ مَجَازٌ وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى بَلْ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا الْمَجَازِ مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ غَايَةَ الْخِيَارِ التَّفَرُّقَ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ خِيَارَ الْمُتَسَاوِمَيْنِ لَمْ يَنْقَطِعْ بِالتَّفَرُّقِ فَإِنْ حَمَلَ التَّفَرُّقَ عَلَى الْأَقْوَالِ فَهَذَا جَوَابٌ آخَرُ سَنَحْكِيهِ وَنَرُدُّهُ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الرَّدِّ بِأَنَّ تَسْمِيَتَهُمَا مُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مَجَازٌ أَيْضًا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِخِلَافِهِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَإِنَّهُ مَجَازٌ بِالِاتِّفَاقِ.

(رَابِعُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَبَايِعِينَ الْمُتَسَاوِمَيْنِ بِتَقْرِيرِ غَيْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي يُرَادُ مِنْهُ الْبَيْعُ إنْ شَاءَ بَاعَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَبِعْ وَاَلَّذِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ قَدْ يَشْتَرِي وَقَدْ لَا يَشْتَرِي وَهَذَا أَضْعَفُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ هَذَا مَعْنًى رَكِيكٌ يُصَانُ كَلَامُ الشَّارِعِ مِنْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِ النَّاسِ الْأَخْيَارِ بِأَنَّ الْمُتَسَاوِمَيْنِ إنْ شَاءَا عَقَدَا الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَا لَمْ يَعْقِدَاهُ عُدَّ ذَلِكَ سُخْفًا وَحَمَاقَةً فَكَيْفَ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ.

(خَامِسُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ التَّفَرُّقُ بِالْأَقْوَالِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠] أَيْ عَنْ النِّكَاحِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ التَّفَرُّقُ عَنْ الْمَكَانِ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ بَيْعَةً فَإِنَّ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>