. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ انْتَهَى.
وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لَهَا، وَقَدْ وَرَدَ لِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ مَا يُؤَكِّدُهُ فَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: رَأَيْت رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ، وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا شَيْءَ لَهُ» الْحَدِيثَ، وَفِيهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتَغَى بِهِ وَجْهَهُ.
وَيَدُلُّ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إلَّا عِقَالًا فَلَهُ مَا نَوَاهُ» . فَإِتْيَانُهُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا نَوَى مَعَ الْعِقَالِ شَيْئًا آخَرَ كَانَ لَهُ مَا نَوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ أَصْحَابِنَا فِي مَوَاضِعَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ مَنْ نَوَى مَعَ الْفَرْضِ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ.
(فَمِنْهَا) لَوْ نَوَى الْإِمَامُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَإِعْلَامَ الْقَوْمِ لَمْ يَضُرَّهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ.
(وَمِنْهَا) إذَا قَصَدَ الْمَسْبُوقُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ التَّحَرُّمَ، وَالْهَوَى لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَكْبِيرَةُ الْهَوَى.
(وَمِنْهَا) لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ، وَالتَّبَرُّدَ لَمْ يَضُرَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّبَرُّدِ بِدُونِ النِّيَّةِ، وَهَذَا إذَا نَوَاهُمَا مَعًا، فَإِنْ طَرَأَتْ نِيَّةُ التَّبَرُّدِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ النِّيَّةِ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ مَا بَعْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ نَوَى الْجُنُبُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، وَالْجُمُعَةِ مَعًا فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى حُصُولِهِمَا، وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فَقَالَ يَحْصُلُ الْمَنْوِيُّ فَقَطْ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا فِي سَائِرِ كُتُبِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا وَقُلْنَا: إنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَنَابَةِ لَمْ تَحْصُلْ الْجُمُعَةُ فَقَضَيْته أَنْ لَا يَصِحَّ الْغُسْلُ أَصْلًا وَرُدَّ كَلَامُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ.
وَمِنْهَا لَوْ نَوَى بِفَرْضِهِ الْفَرْضَ، وَالرَّاتِبَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ دُخُولِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرْضِ لَوْ لَمْ يَنْوِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ نَوَى الْفَرْضَ، وَالتَّحِيَّةَ حَصَلَا لِحُصُولِ التَّحِيَّةِ بِدُونِهَا.
(وَمِنْهَا) لَوْ نَوَى بِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ، وَالْكُسُوفَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ.
(وَمِنْهَا) مَا إذَا نَوَى بِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ حُصُولُ الْفَائِتَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَنْوِيَ