للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

قَوْلُهُ «وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا» مَا زَائِدَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَذِكْرُ الْمَالِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ الْحُقُوقَ تُوَرَّثُ كَالْأَمْوَالِ وَقَوْلُهُ فَلْيُوَرَّثْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَقَوْلُهُ عَصَبَتُهُ مَرْفُوعٌ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْفَاعِلِ وَيَحْتَمِلُ نَصْبَهُ وَيَكُونُ النَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ فَلْيُوَرِّثْ هُوَ عَصَبَتَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ. وَقَوْلُهُ مَنْ كَانَ أَيْ الْعَصَبَةُ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مَنْ كَانُوا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ يَكُونُ الْمُرَادُ مَنْ كَانَ الْمَيِّتَ وَالْعَصَبَةُ الْأَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَذَا عَرَفَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَمِنْهُمْ الْجَوْهَرِيُّ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَإِنَّمَا سُمُّوا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبُوا بِهِ أَيْ أَحَاطُوا بِهِ فَالْأَبُ طَرَفٌ وَالِابْنُ طَرَفٌ وَالْعَمُّ جَانِبٌ وَالْأَخُ جَانِبٌ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: لِأَنَّهُمْ يَعْصِبُونَهُ وَيَعْتَصِبُ بِهِمْ أَيْ يُحِيطُونَ بِهِ وَيَشْتَدُّ بِهِمْ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: الْعَصَبَةُ الَّذِينَ يَرِثُونَ الرَّجُلَ عَنْ كَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ فَأَمَّا فِي الْفَرَائِضِ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فَهُوَ عَصَبَةٌ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الْفَرْضِ أَخَذَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ: عَصَبَةُ الْمَوَارِيثِ هُمْ الْكَلَالَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ عَدَا الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ الْأَدْنِيَاءِ، وَتَكُونُ أَيْضًا فِي الْمَوَارِيثِ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ فَرْضٌ مُسَمًّى وَكَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصَبَةَ مُفْرَدٌ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ جَمْعَهُ الْعَصَبَاتُ وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ الْعَصَبَةَ جَمَاعَةٌ لَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ وَعَرَّفَ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ الْعَصَبَةَ بِأَنَّهُ مَنْ وَرِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فَرْضَ لَهُ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنَّ مَنْ وَرَّثَهُمْ لَا يُسَمِّيهِمْ عَصَبَةً.

وَأُورِدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ أَمْرَانِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ لَنَا مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ ذُو فَرْضٍ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ زَوْجٍ.

(الثَّانِي) أَنَّ لَنَا مَنْ فِي إرْثِهِ خِلَافٌ وَهُوَ عِنْدَ مَنْ وَرَّثَهُ عَصَبَةٌ كَالْقَاتِلِ وَالتَّوْأَمَيْنِ الْمَنْفِيَّيْنِ بِاللِّعَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ وَرَّثَ لِمُجْمَعٍ عَلَى التَّوْرِيثِ بِمِثْلِهِ بِلَا تَقْدِيرٍ ثُمَّ قَسَّمَ أَصْحَابُنَا الْعَصَبَةَ إلَى عَصَبَةٍ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٍ بِغَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهُوَ عَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ وَعَرَّفَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالرَّافِعِيُّ الْعَصَبَةَ بِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ كُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْ بِتَوَسُّطِ مَحْضِ الذُّكُورِ، وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الزَّوْجَ فَإِنَّهُ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَصَبَةً وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمَوْلَاةُ الْمُعْتِقَةُ مَعَ أَنَّهَا عَصَبَةٌ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>