للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ: إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ: يَجُوزُ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: أَجَازَ الْخَوَارِجُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَرَقُوا مِنْ الدِّينِ وَخَرَجُوا مِنْهُ وَلِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى.

وَذِكْرُهُ الْأُخْتَيْنِ هُنَا سَبْق قَلَمٍ، فَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ وَهُوَ مَنْصُوصُ الْقُرْآنِ، وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا عَنْ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْقَائِلَ بِمَقَالَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى هَذَا جُمْهُورُ النَّاسِ إلَّا عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ فَإِنَّهُ أَبَاحَهُ.

(الرَّابِعَةُ) لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعَمَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ الْأَبِ وَلَا بِالْخَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ الْأُمِّ بَلْ أُخْتُ أَبِي الْأَبِ أَوْ أَبِي الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا وَأُخْتُ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَتَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَإِنْ عَلَتْ كَذَلِكَ فِي التَّحْرِيمِ بِلَا خِلَافٍ.

(الْخَامِسَةُ) فِي مَعْنَى عَمَّةِ النَّسَبِ وَخَالَتِهِ عَمَّةِ الرَّضَاعِ وَخَالَتُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقَدْ ضَبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَحَرُمَتْ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُمَا وَقَصَدُوا بِقَيْدِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُمِّ زَوْجِهَا وَبِنْتِ زَوْجِهَا فَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِقَرَابَةٍ وَلَا رَضَاعٍ بَلْ بِمُصَاهَرَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا رَحِمٌ يُحْذَرُ قَطْعُهَا بِخِلَافِ الرَّضَاعِ وَالْقَرَابَةِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ الْإِبَاحَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ فَأَمَّا الْحَسَنُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ رُجُوعُهُ عَنْ هَذَا، وَأَمَّا إسْنَادُ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ فَفِيهِ مَقَالٌ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ عَنْ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَتَيْنِ إذَا جَعَلْت مَوْضِعَ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَاطِلٌ فَقِيلَ لَهُ: عَمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ تَفْسِيرُهُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ وَابْنَةِ زَوْجِهَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى هَذَا سَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>