للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

هُنَا فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مَنْ لَيْسَ مَحْرَمًا لِلزَّوْجَةِ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ الْحَمْوُ أَخُو الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهُهُ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ كَابْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُرَادُ بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِبُ الزَّوْجِ غَيْرُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ فَأَمَّا الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فَمَحَارِمُ لِزَوْجَتِهِ تَجُوزُ لَهُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُهُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَعَادَةُ النَّاسِ الْمُسَاهَلَةُ فِيهِ وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ فَهَذَا هُوَ الْمَوْتُ وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. انْتَهَى.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْمَحْرَمِ كَالْأَبِ وَغَيْرِهِ وَجَعَلُوا مَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ يُقَالُ: الْحَمْوُ أَبُو الزَّوْجِ كَأَنَّهُ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا، وَكَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّ الْحَمْوَ هُنَا أَبُو الزَّوْجِ وَقَالَ: إذَا نَهَى عَنْ أَبِي الزَّوْجِ وَهُوَ مَحْرَمٌ فَكَيْفَ بِالْغَرِيبِ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هَذَا هُوَ صَوَابُ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الثَّانِي: هَذَا كَلَامٌ مَرْدُودٌ لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ.

(السَّادِسَةُ) اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ الْحَمْوُ الْمَوْتُ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: احْذَرْ الْحَمْوَ كَمَا تَحْذَرُ الْمَوْتَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْفَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ وَالشَّرُّ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ وَالْفِتْنَةُ أَكْثَرُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالْخَلْوَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْكَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، قَالَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ مَعْنَى الْحَمْوِ الْمَوْتُ فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَلُ هَذَا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ هِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ كَمَا يَقُولُ: الْأَسَدُ الْمَوْتُ أَيْ لِقَاؤُهُ مِثْلُ الْمَوْتِ، وَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ الْخَلْوَةُ بِالْأَحْمَاءِ مُؤَدِّيَةٌ إلَى الْفِتْنَةِ وَالْهَلَاكِ فِي الدِّينِ فَجَعَلَهُ كَهَلَاكِ الْمَوْتِ فَوَرَدَ الْكَلَامُ مَوْرِدَ التَّغْلِيظِ. انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ دُخُولُهُ عَلَى زَوْجَةِ أَخِيهِ يُشْبِهُ الْمَوْتَ فِي الِاسْتِقْبَاحِ وَالْمَفْسَدَةِ أَيْ فَهُوَ مُحَرَّمٌ مَعْلُومُ التَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا بَالَغَ فِي الْحَذَرِ عَنْ ذَلِكَ وَشَبَّهَهُ بِالْمَوْتِ لِتَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لَا لِفَهْمِ ذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ عَادَةً، وَخَرَجَ هَذَا مَخْرَجَ قَوْلِ الْعَرَبِ: الْأَسَدُ الْمَوْتُ وَالْحَرْبُ الْمَوْتُ، أَيْ لِقَاؤُهُ يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْحَمُ عَلَى الْمَرْأَةِ يُفْضِي إلَى مَوْتِ الدِّينِ أَوْ إلَى مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>