للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأُمَّتَيْ الْمُؤْمِنِينَ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَمَّا زَيْنَبُ فَلِمَا اتَّصَفَتْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْجَمِيلَةِ.

وَأَمَّا عَائِشَةُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهَا مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَصْفِهَا بِمَا تَعْرِفُهُ مِنْهَا وَقَوْلُهَا.

(وَأَبْذُلُ لِنَفْسِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَذْلِ وَهُوَ الْعَطَاءُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْبِذْلَةِ وَهُوَ الِامْتِهَانُ بِالْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ فَكَانَتْ زَيْنَبُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَعْمَلُ بِيَدِهَا عَمَلَ النِّسَاءِ مِنْ الْغَزْلِ وَالنَّسْجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ بِعَمَلِهِ وَالتَّكَسُّبِ بِهِ، وَكَانَتْ تَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ وَتَصِلُ بِهِ ذَوِي رَحِمِهَا وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا بِالْعَمَلِ وَالصَّدَقَةِ وَأَشَارَ إلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «أَسْرَعُكُنَّ لِحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» ، وَقَوْلُهَا مِنْ زَيْنَبَ وَضَعَتْ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَقُولَ مِنْهَا كَمَا قَالَتْ أَوَّلًا وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً خَيْرًا مِنْهَا.

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهَا.

(مَا عَدَا) مِنْ صِيَغِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ مَعَ مَا، فِعْلٌ يُنْصَبُ مَا بَعْدَهُ وَبِدُونِهَا حَرْفٌ يُخْفَضُ مَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَ (السَّوْرَةِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ ثُمَّ هَاءٌ الثَّوَرَانُ وَعَجَلَةُ الْغَضَبِ وَمِنْهُ سَوْرَةُ الشَّرَابِ وَهِيَ قُوَّتُهُ وَحِدَّتُهُ وَ (الْغَرْبُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ الْحِدَّةُ وَهِيَ شِدَّةُ الْخُلُقِ وَثَوَرَانُهُ وَمِنْهُ غَرْبُ السَّيْفِ وَهُوَ حَدُّهُ وَغَرْبُ كُلِّ شَيْءٍ حَدُّهُ، يُقَالُ: فِي لِسَانِهِ غَرْبٌ أَيْ حِدَّةٌ وَالْحَدُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ مِنْ حَدِّ الشَّرَابِ وَهُوَ صَلَابَتُهُ وَحَدُّ الرَّجُلِ وَهُوَ بَأْسُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ غَضَبٌ بَالِغٌ أَقْصَى الْغَايَةِ مِنْ حَدِّ الشَّيْءِ وَهُوَ مُنْتَهَاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ: " غَرْبٍ " فَإِنَّ الْحِدَّةَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَآخِرُهُ هَاءٌ وَالْحَدُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ بِلَا هَاءٍ آخِرُهُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ النَّزَقِ وَالْغَضَبِ وَكَذَا فِي رِوَايَتِنَا مِنْ غَرْبٍ حَدٍّ بِتَنْوِينِهِمَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ سُورَةً مِنْ حَدٍّ لَيْسَ فِيهِمَا لَفْظُ غَرْبٍ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ مِنْ حِدَّةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَبِالْهَاءِ وَقَوْلُهَا يُوشِكُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تُسْرِعُ وَقَوْلُهُ الْفَيْئَةَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْهَمْزِ أَيْ الرُّجُوعُ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ يُوشِكُ وَمَعْنَى الْكَلَامِ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا كَامِلَةُ الْأَوْصَافِ إلَّا أَنَّ فِيهَا شِدَّةَ خُلُقٍ وَسُرْعَةَ غَضَبٍ تَرْجِعُ عَنْهَا سَرِيعًا وَلَا تُصِرُّ عَلَيْهَا فَهِيَ سَرِيعَةُ الْغَضَبِ سَرِيعَةُ الرِّضَا فَتِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>