للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الِاحْتِمَالَ مَدْفُوعٌ هُنَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَنْهَنَا» فَثَبَتَ بِذَلِكَ اطِّلَاعُهُ وَتَقْرِيرُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ: إنَّ النِّسَاءَ أَقْسَامٌ:

(أَحَدُهُمَا) الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ وَفِيهَا طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا إنْ رَضِيَتْ جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ الْجَوَازُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهَا إنْ لَمْ تَأْذَنْ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَذِنَتْ فَوَجْهَانِ.

(الثَّانِي) الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْحُرَّةِ إنْ جَوَّزْنَاهُ فِيهَا فَفِي الْأَمَةِ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ تَحَرُّزًا عَنْ رِقِّ الْوَلَدِ.

(الثَّالِثُ) الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ يَجُوزُ الْعَزْلُ عَنْهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ حَكَى الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَحْقُ الْوَلَدِ.

(الرَّابِعُ) الْمُسْتَوْلَدَةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: رَتَّبَهَا مُرَتِّبُونَ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ الرَّقِيقَةِ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ وَآخَرُونَ عَلَى الْحُرَّةِ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَاسِخَةً فِي الْفِرَاشِ وَلِهَذَا لَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَظْهَرُ، هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَحَاصِلُهُ الْفَتْوَى بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَغَيَّرَ إذْنُهَا.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَعْزِلُ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا عَنْ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا بِخِلَافِ السَّرَارِي، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَعْزِلُ عَنْ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حَقِّهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَيْسَ الْجِمَاعُ الْمَعْرُوفُ إلَّا مَا لَا يَلْحَقُهُ عَزْلٌ وَفِي دَعْوَى نَفْيِ الْخِلَافِ نَظَرٌ لِمَا قَدْ عَرَفْته مِنْ مَذْهَبِنَا، وَقَالَ فِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَزْلُ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ لِمَا عَرَفْته فِي مَذْهَبِنَا.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ الْعَزْلُ عَنْ مَمْلُوكَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا يَجُوزُ عَنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يُبَحْ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: بَلْ بِإِذْنِهِمَا، وَقِيلَ: لَا يُبَاحُ الْعَزْلُ بِحَالٍ وَقِيلَ: يُبَاحُ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: لَا يَحِلُّ الْعَزْلُ عَنْ حُرَّةٍ وَلَا أَمَةٍ مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلَّ بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ فِي حَدِيثٍ قَالَتْ فِيهِ «وَسَأَلُوهُ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ وَهِيَ {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: ٨] » وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَزْلِ عَنْ الْجَارِيَةِ فَرَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>