للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِأَنَّ الْإِرْضَاعَ بَعْدَ الْفِطَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ لَا حُكْمَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ حَكَاهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ.

(الْخَامِسَةُ) الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَمُقْتَضَى سِيَاقِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْمَحْرَمِيَّةِ أَيْضًا [إذْ] لَوْلَا ثُبُوتُ الْمَحْرَمِيَّةِ لَمَا حَصَلَ مَقْصُودُهَا مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهَا حَالَةَ مَهْنَتِهَا وَانْكِشَافِ بَعْضِ جَسَدِهَا، وَبِهَذَا قَالَ مَنْ أَثْبَتَ حُكْمَ الرَّضَاعِ لِلْكَبِيرِ إلَّا أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيَّ نَقَلَ عَنْ دَاوُد أَنَّ رَضَاعَةَ الْكَبِيرِ تَرْفَعُ تَحْرِيمَ الْحِجَابِ لَا غَيْرُ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ أُخِذَ بِهَذَا فِي الْحِجَابَةِ لَمْ أَعِبْهُ، وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَمَا عَلِمْت مَنْ أَخَذَ بِهِ عَامًّا إلَّا عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَرَى رَضَاعَةَ الْكَبِيرِ تَحْرِيمًا عَامًا نَظَرٌ فَإِنَّ نَصَّ حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ عَنْهَا إنَّمَا كَانَتْ تَأْخُذُ بِذَلِكَ فِي الْحِجَابِ خَاصَّةً (قُلْت) لَا يَسْتَقِيمُ لِعَالِمٍ أَنْ يَقُولَ بِجَوَازِ الْخِلْوَةِ مَعَ إبَاحَةِ النِّكَاحِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا بِرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ كُلَّ مَا ثَبَتَ بِرَضَاعَةِ الصَّغِيرِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلِبَسْطِ ذَلِكَ مَوْضِعٌ آخَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَةُ) أَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِسَالِمٍ، وَامْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ سِوَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَدِيثِ كَانَ رُخْصَةً لِسَالِمٍ خَاصَّةً قَالَ الشَّافِعِيُّ فَأَخَذْنَا بِهِ يَقِينًا لَا ظَنًّا حَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ مَا مَعْنَاهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الَّذِي فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قُلْنَ ذَلِكَ بِالظَّنِّ، وَرَوَاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِالْقَطْعِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَتْ تَخْلُو قِصَّةُ سَالِمٍ [مِنْ] أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً أَوْ خَاصَّةً لِسَالِمٍ، وَكَذَا حَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا عَلَى الْخُصُوصِ، وَإِمَّا عَلَى النَّسْخِ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ أَطْلَقَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى حَدِيثِ سَالِمٍ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَظُنّهُ سَمَّى التَّخْصِيصَ نَسْخًا، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ النُّسَخِ لَمْ تَحْصُلْ هُنَا عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي الْأُصُولِ (قُلْت) كَيْفَ يُرِيدُ بِالنُّسَخِ التَّخْصِيصَ مَنْ يُرَدِّدُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُرِدْ قَائِلُ هَذَا الْكَلَامِ بِالنَّسْخِ مَا فَهِمَهُ عَنْهُ الْقُرْطُبِيُّ حَتَّى يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ هَذَا الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ هُوَ الشَّرْعُ الْعَامُ لِكُلِّ أَحَد ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>