للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَلَى ذَاتِ الْمُسَمَّى دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ أَمْرٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ دَلَّ عَلَى تِلْكَ الذَّاتِ مَنْسُوبَةً إلَى ذَلِكَ الزَّائِدِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّك إذَا قُلْت زَيْدٌ مَثَلًا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذَاتٍ مُتَشَخِّصَةٍ فِي الْوُجُودِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَلَا نُقْصَانٍ فَلَوْ قُلْت مَثَلًا (الْعَالِمُ) دَلَّ هَذَا عَلَى تِلْكَ الذَّاتِ مَنْسُوبَةً إلَى الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْت الْغَنِيُّ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى تِلْكَ الذَّاتِ مَعَ إضَافَةِ مَالٍ إلَيْهَا، وَمِنْ هُنَا صَحَّ عَقْلًا أَنْ تَكْثُرَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ لَا يُوجِبُ تَعَدُّدًا فِيهَا وَلَا تَكْثِيرًا، وَقَدْ غَمُضَ فَهْمُ هَذَا مَعَ وُضُوحِهِ عَلَى بَعْضِ أَئِمَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَفَرَّ مِنْهُ هَرَبَا مِنْ لُزُومِ تَعَدُّدٍ فِي ذَلِكَ الْإِلَهِ حَتَّى تَأَوَّلَ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ قَالَ إنَّ الِاسْمَ فِيهِ يُرَادُ بِهِ التَّسْمِيَةُ، وَرَأَى أَنَّ هَذَا يُخَلِّصُهُ مِنْ التَّكْثِيرِ.

وَهَذَا فِرَارٌ مِنْ غَيْرِ مَفَرٍّ إلَى غَيْرِ مَفَرٍّ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ إنَّمَا هِيَ وَضْعُ الِاسْمِ أَوْ ذِكْرُ الِاسْمِ فَهِيَ نِسْبَةُ الِاسْمِ إلَى مُسَمَّاهُ فَإِذَا قُلْنَا إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ تَسْمِيَةً اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا يَنْسُبُهَا كُلَّهَا إلَيْهِ فَبَقِيَ الْإِلْزَامُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَسُّفِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى، وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ الِاسْمُ قَدْ تَطْلُقُ، وَيُرَادُ بِهَا الْمُسَمَّى كَمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] أَيْ سَبِّحْ رَبَّك فَأُرِيدَ بِالِاسْمِ الْمُسَمَّى انْتَهَى.

وَوَجَدْت لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ بَهَاءِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْقِيقًا حَسَنًا فَقَالَ وَجْهُ التَّحْقِيقِ فِيهَا عَلَى مَا تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ أَفْوَاهِ مَشَايِخِنَا أَنْ يُقَالَ إذَا سَمَّيْت شَيْئًا بِاسْمٍ فَالنَّظَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ ذَلِكَ الِاسْمُ.

وَهُوَ اللَّفْظُ وَمَعْنَاهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، وَمَعْنَاهُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي أُطْلِقَ اللَّفْظُ عَلَيْهَا، وَالذَّاتُ وَاللَّفْظُ مُتَغَايِرَانِ قَطْعًا، وَالنُّحَاةُ إنَّمَا يُطْلِقُونَ عَلَى اللَّفْظِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالذَّاتُ هِيَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ الِاسْمُ قَطْعًا، وَالْخِلَافُ فِي الْأَمْرِ الثَّالِثُ، وَهُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ قَبْلَ التَّلْقِيبِ فَعَلَى قَوَاعِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَيْهِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ الثَّالِثُ أَوَّلًا، وَالْخِلَافُ عِنْدَهُمْ حِينَئِذٍ فِي الِاسْمِ الْمَعْنَوِيِّ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا، لَا فِي الِاسْمِ اللَّفْظِيِّ.

وَأَمَّا النُّحَاةُ فَلَا يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ اللَّفْظِ لِأَنَّ صِنَاعَتَهُمْ إنَّمَا تَنْظُرُ فِي الْأَلْفَاظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>