. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَأَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أَخَصْرَ مِنْ هَذَا.
(الثَّانِيَةُ) (هِنْدٌ) هِيَ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ زَوْجُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِنَسَبِهَا فِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ، وَفِي لَفْظِهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ الصَّرْفُ، وَعَدَمُهُ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهَا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ خِبَاءٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودٌ كَذَا رَوَيْنَاهُ عَنْ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ أَهْلِ خِبَاءٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ " أَهْلِ " فِي رِوَايَتِنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (يُذِلُّهُمْ) إنْ صَحَّ حَذْفُهُ فِي رِوَايَتِنَا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنْ أَرَادَتْ بِهِ نَفْسَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَنَّتْ عَنْهُ بِهَذَا، وَأَكْبَرَتْهُ عَنْ مُخَاطَبَتِهِ وَتَعْيِينِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِأَهْلِ الْخِبَاءِ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَالْخِبَاءُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ مَسْكَنِ الرَّجُلِ، وَدَارِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ هُوَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَكُونُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ أَهْلُ بَيْتٍ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَسُمِّيَ الْبَيْتُ خِبَاءً لِأَنَّهُ يُخَبِّئُ مَا فِيهِ، وَالْخِبَاءُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ تَقُولُ خَبَأْت الشَّيْءَ خَبْئًا وَخِبَاءً انْتَهَى.
وَفِي الْمُحْكَمِ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ أَصْلُهُ مِنْ خَبَأْت خِبَاءً قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْخَبْأَ أَصْلُهُ الْهَمْزُ إلَّا هُوَ بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ انْتَهَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَوَصْفُ هِنْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَاءَ لَهَا فِي الْكُفْرِ، وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ بُغْضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبُغْضِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَمَا آبَتْ إلَيْهِ حَالُهَا لَمَّا أَسْلَمَتْ، تَذَكُّرٌ لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهَا بِمَا أَنْقَذَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَبِمَا أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، وَتَعْظِيمٌ لِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِتَنْبَسِطَ فِيمَا تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَ عَنْهُ، وَلِتَزُولَ آلَامُ الْقُلُوبِ لِمَا كَانَ مِنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فِي شَأْنِ حَمْزَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: وَأَيْضًا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَيْ سَتَزِيدِينَ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَمَكَّنُ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِك، وَيَزِيدُ حُبُّك لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَقْوَى رُجُوعُك عَنْ بُغْضِهِ. وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظِ آضَ يَئِيضُ أَيْضًا إذَا رَجَعَ، وَفِي هَذَا بُشْرَى لَهَا بِقُوَّةِ إيمَانِهَا وَتَمَكُّنِهِ وَمَنْقَبَةٌ لَهَا بِذَلِكَ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهَا (إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ) أَيْ شَحِيحٌ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالشُّحُّ عِنْدَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبُخْلِ، وَقِيلَ الشُّحُّ لَازِمٌ كَالطَّبْعِ، وَضُبِطَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِوَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ (أَحَدُهُمَا) مَسِيكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ، وَالثَّانِي بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute