. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ (لَا يَمْشِيَنَّ) كَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي أَصْلِنَا عِنْدَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْمَشْيِ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يُشِيرُ مِنْ الْإِشَارَةِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَكَذَا وَقَعَ فِيهِمَا بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ مَرْفُوعًا، وَهُوَ نَهْيٌ بِلَفْظِ الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣] وقَوْله تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] ، وَهُوَ أَبْلَغُ وَآكَدُ مِنْ صِيغَةِ النَّهْيِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى إنْ ثَبَتَتْ فَهِيَ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَاجِعَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ نَهْيُهُ عَنْ الْمَشْيِ إلَى جِهَتِهِ مُشِيرًا لَهُ بِالسِّلَاحِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الْإِشَارَةِ إلَى الْمُسْلِمِ بِالسِّلَاحِ، وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَإِنَّ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، وَلَعْنُ الْمَلَائِكَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَقٍّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ إلَّا فَاعِلُ الْمُحَرَّمِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْجَدِّ أَوْ الْهَزْلِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُشِيرُ إلَى شَقِيقِهِ بِالسِّلَاحِ عَلَى سَبِيلِ الْجَدِّ، وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْهُ مَعَهُ هَزْلًا، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْجَدِّ فَتَحْرِيمُ ذَلِكَ أَغْلَظُ مِنْ تَحْرِيمِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ غَايَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْهَزْلُ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَى طَرِيقِ الْجَدِّ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَ مُسْلِمٍ أَوْ جَرْحَهُ، وَكِلَاهُمَا كَبِيرَةٌ، وَأَمَّا الْهَزْلُ فَلِأَنَّهُ تَرْوِيعُ مُسْلِمٍ، وَأَذًى لَهُ، وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَيْضًا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» .
(الرَّابِعَةُ) الْمُرَادُ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ الذِّمِّيُّ أَيْضًا لِتَحْرِيمِ أَذَاهُ، وَخَرَجَ الْحَدِيثُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَدَخَلَ فِي السِّلَاحِ مَا عَظُمَ مِنْهُ وَصَغُرَ، وَهَلْ تَدْخُلُ الْعَصَا فِي ذَلِكَ فِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّ التَّرْوِيعَ حَاصِلٌ، وَكَذَلِكَ احْتِمَالُ سُقُوطِهَا مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يُرَادُ بِذَلِكَ إلَّا مَا لَهُ نَصْلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِحَدِيدَةٍ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ بِكَسْرِ الزَّايِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَمَعْنَاهُ يَرْمِي فِي يَدِهِ، وَيُحَقِّقُ ضَرْبَتَهُ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَهُ، وَيُحَقِّقُ إشَارَتَهُ وَالنَّزْعُ الْعَمَلُ بِالْيَدِ كَالِاسْتِقَاءِ بِالدَّلْوِ وَنَحْوِهِ، وَأَصْلُهُ الْجَذْبُ وَالْقَلْعُ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ، وَأَصْلُ فَعَلَ إذَا كَانَ عَيْنُهُ أَوْ لَامُهُ حَرْفَ حَلْقٍ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلُهُ كَذَلِكَ مَفْتُوحًا، وَلَمْ يَأْتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَكْسُورًا إلَّا يَنْزِعُ، وَيُهَنِّئُ (قُلْت) ، وَمِثْلُهُ يَرْجِعُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ، وَنَقَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute