. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ قَالَ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فَذَكَرَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ» ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَك فَتَقُومَ، وَلَا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ، قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَتَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَتُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ» وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» .
(الثَّانِيَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا تَعْظِيمٌ لِأَمْرِ الْجِهَادِ جِدًّا لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْقِيَامَ بِآيَاتِ اللَّهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فَقَدْ عَدَلَهَا الْمُجَاهِدُ، وَصَارَتْ جَمِيعُ حَالَاتِهِ مِنْ تَقَلُّبِهِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ أَكْلِهِ وَنَوْمِهِ وَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لِمَا يَحْتَاجُهُ، وَأَجْرُهُ فِي ذَلِكَ كَأَجْرِ الْمُثَابِرِ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَتِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي لَا يُفْتَرُ، وَقَلِيلٌ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ عَطَاءٌ وَإِحْسَانٌ قُلْت الْمُجَاهِدُ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ فِي عِبَادَةٍ مَعَ الْمَشَقَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْقَلْبِيَّةِ، وَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ الَّتِي هِيَ أَعَزُّ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ، وَبَذْلِهِ لَهَا فِي رِضَى اللَّهِ تَعَالَى.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ (حَتَّى تَرْجِعَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ انْتِهَاءَ رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ، وَأَكَّدَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ اسْتِيعَابَ هَذَا الْفَضْلِ جَمِيعَ حَالَاتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ عَنْ كَوْنِهِ مَثَلَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ ابْتِدَاءُ رُجُوعِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْمُجَاهِدَ فِي حَالَةِ الْجِهَادِ، وَفِي وَسَائِلِهِ وَمُقَدِّمَاتِهِ بِحَالَةِ مَنْ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ فَكَانَ هُوَ بِمُفْرَدِهِ كَهَذِهِ الْأَعْمَالِ بِمَجْمُوعِهَا، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى عَمَلِ الْبَدَنِ، وَالْمَالِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute