. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَهُوَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا حَدِيثُ «إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه حِينَ رَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَنَّةِ، وَحَوْلَهُ أَوْلَادٌ النَّاسِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] ، وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمَوْلُودِ التَّكْلِيفُ، وَيَلْزَمُهُ قَوْلُ الرَّسُولِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ «وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُمْ فِي النَّارِ، وَحَقِيقَةُ لَفْظِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْ بَلَغُوا، وَالتَّكْلِيفُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبُلُوغِ، وَأَمَّا غُلَامُ الْخَضِرِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ قَطْعًا لِأَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ مُسْلِمًا فَيُتَأَوَّلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ لَكَانَ كَافِرًا لَا أَنَّهُ كَافِرٌ فِي الْحَالِ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ فِي الْحَالِ أَحْكَامُ الْكُفَّارِ انْتَهَى.
وَسَفْكُ دَمِهِ فِي الْحَالِ غَيْرُ سَائِغٍ فِي شَرِيعَتِنَا، وَلَا أَظُنُّهُ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِهَذَا أَنْكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرِيعَةُ الْخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَهِيَ شَرِيعَةٌ مَنْسُوخَةٌ لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهَا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ كَانَ قَدْ بَلَغَ، وَكَانَ قَاطِعَ طَرِيقٍ، وَوَصْفُهُ بِأَنَّهُ غُلَامٌ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ اجْتَمَعْت أَنَا، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَنَحْنُ غُلَامَانِ شَابَّانِ قَدْ بَلَغْنَا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ بَعِيدٌ مُنْكَرٌ، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ، ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ فَنَزَلَتْ {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨] فَقَالَ هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَوْ قَالَ فِي الْجَنَّةِ» . وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَأَلْت رَبِّي اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ فَأَعْطَانِيهِمْ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» ، وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا «وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . وَعَنْ سَلْمَانَ مَوْقُوفًا (أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ) .
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأَمَةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُتَقَارِبًا أَوْ كَلِمَةً تُشِيرُ إلَى هَذَيْنِ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَنْظُرُوا فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ؛ قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ فَذَكَرَتْهُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ أَفَيَسْكُتُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْجَهْلِ؟ قُلْت فَتَأْمُرُ بِالْكَلَامِ فَسَكَتَ) . وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute