للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْبَالِ لَهَا، وَلَا تُفَوَّضُ إلَى مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ عَزَمَهُ، وَيُفَوِّتُ كَمَالَ بَذْلِ وُسْعِهِ فِيهِ.

{السَّابِعَةُ} قَوْلُهُ «فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ» كَذَا فِي رِوَايَتِنَا، وَرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ» بِهَمْزَةِ قَطْعٍ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَالنَّوَوِيُّ عَنْ جَمِيعِ النُّسَخِ قَالَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْدِيَةً لِدَنَا أَيْ قَرُبَ فَمَعْنَاهُ أَدْنَى جُيُوشَهُ وَجُمُوعَهُ لِلْقَرْيَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَدْنَى بِمَعْنَى حَانَ أَيْ قَرُبَ فَتْحُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَدْنَتْ النَّاقَةُ إذَا حَانَ نِتَاجُهَا، وَلَمْ يَقُولُوهُ فِي غَيْرِ النَّاقَةِ.

{الثَّامِنَةُ} قَوْلُهُ «لِلشَّمْسِ أَنْتِ مَأْمُورَةٌ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِنْ التَّمْيِيزِ وَالْإِدْرَاكِ مَا تَصْلُحُ مَعَهُ لِلْمُخَاطَبَةِ بِذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ لِتَقَرُّرِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحُولُهَا عَنْ عَادَتِهَا إلَّا بِخَرْقِ عَادَةٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِدَعْوَةِ نَبِيِّهِ لَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْخِطَابِ لَهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ عَقِبَهُ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ حِكَايَةَ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ كَمَا فِي قَوْلُهُ

شَكَا إلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرًا جَمِيلًا فَكِلَانَا مُبْتَلَى

وَقَوْلُهُ «شَيْئًا» مَنْصُوبٌ نَصْبَ الْمَصْدَرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ. اُخْتُلِفَ فِي حَبْسِ الشَّمْسِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَقِيلَ رُدَّتْ عَلَى أَدْرَاجِهَا، وَقِيلَ وَقَفَتْ وَلَمْ تُرَدَّ، وَقِيلَ بُطِّئَتْ حَرَكَتُهَا قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ بَعْدَ نَقْلِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ: وَالثَّالِثُ أَوْلَى الْأَقْوَالِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُبِسَتْ لَهُ الشَّمْسُ مَرَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حِينَ شُغِلُوا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَرَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ» ذَكَرَ ذَلِكَ الطَّحْطَاوِيُّ وَقَالَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ (وَالثَّانِيَةُ) «صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ حِينَ انْتَظَرَ الْعِيرَ الَّتِي أُخْبِرَ بِوُصُولِهَا مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ» ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْر فِي زِيَادَتِهِ عَلَى سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ (قُلْت) ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الشَّمْسَ فَتَأَخَّرَتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ فَرَجَعَ، وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَصْرَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَنَامَ فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ إنَّ عَبْدَك

<<  <  ج: ص:  >  >>