للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ قَالَ: وَمِمَّنْ قَالَ إنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَآخَرُونَ قَالَ الْأَوَّلُونَ: وَلَوْ كَانَ التَّنْفِيلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّفْضِيلِ مَعْنًى وَلَكَانَ الْكَلَامُ مُخْتَلَّ اللَّفْظِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الْخُمُسِ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ انْتَهَى وَأَجَازَ النَّخَعِيّ أَنْ تُنَفَّلَ السَّرِيَّةُ جَمِيعَ مَا غَنِمَتْهُ دُونَ بَاقِي الْجَيْشِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ لَوْ نَفَلَهُمْ الْأَمَامُ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ الْعَتِيدَةِ دُونَ الْغَنِيمَةِ جَازَ، وَمَا حَكَمْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّ التَّنْفِيلَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ تَبِعْت فِيهِ النَّوَوِيَّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ النَّفَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يُرِيدَ الْإِمَامُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْجَيْشِ بِشَيْءٍ يَرَاهُ مِنْ عَنَائِهِ وَبَأْسِهِ وَبَلَائِهِ أَوْ لِمَكْرُوهٍ تَحَمَّلَهُ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ فَيُنَفِّلَهُ مِنْ الْخُمُسِ لَا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّ الْإِمَامَ إذَا بَعَثَ سُرِّيَّةً مِنْ الْعَسْكَرِ فَأَرَادَ أَنْ يُنَفِّلَهَا مِمَّا غَنِمَتْ دُونَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَحَقُّهُ أَنْ يُخَمِّسَ مَا غَنِمَتْ ثُمَّ يُعْطِيَ السَّرِيَّةَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ مَا شَاءَ رُبْعًا أَوْ ثُلُثًا، وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَهُ، وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَبَيْنَ السَّرِيَّةِ (وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يُحَرِّضَ الْإِمَامُ وَأَمِيرُ الْجَيْشِ أَهْلَ الْعَسْكَرِ عَلَى الْقِتَالِ قَبْلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَيُنَفِّلَ جَمِيعَهُمْ مِمَّا يَصِيرُ بِأَيْدِيهِمْ، وَيَفْتَحُهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

(الرَّابِعُ) أَوْ (الثُّلُثُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ تَحْرِيضًا مِنْهُ عَلَى الْقِتَالِ، وَهَذَا الْوَجْهُ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَلَا يُجِيزُهُ وَلَا يَرَاهُ، وَكَانَ يَقُولُ قِتَالُهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا يَكُونُ لِلدُّنْيَا، وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى.

وَكَذَا حَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى النَّفَلَ، وَالْمُرَادُ بِهِ ذِكْرُهُ أَوَّلًا لِلتَّرْغِيبِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ إنَّ التَّنْفِيلَ يَكُونُ فِي كُلِّ غَنِيمَةٍ سَوَاءً الْأُولَى وَغَيْرُهَا، وَسَوَاءً غَنِيمَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الشَّامِيِّينَ لَا يُنَفِّلُ فِي أَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>