. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَأَدَارَ دَارَةً وَاسِعَةً فِي الْأَرْضِ ثُمَّ أَدَارَ فِي وَسَطِ الدَّارَةِ دَارَةً فَقَالَ الدَّارَةُ الْأُولَى الْإِسْلَامُ، وَالدَّارَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ الدَّارَةِ الْأُولَى الْإِيمَانُ فَإِذَا زَنَا خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ إلَّا الشِّرْكُ، وَقَرَّرَ ابْنُ حَزْمٍ هَذَا الْقَوْلَ بِتَقْرِيرٍ حَسَنٍ، وَهُوَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْإِيمَانَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلُ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا، وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فَالْمُرْتَكِبُ لِبَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَخْتَلَّ اعْتِقَادُهُ وَلَا نُطْقُهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَّتْ طَاعَتُهُ فَالْإِيمَانُ الْمَنْفِيُّ عَنْهُ هُوَ الطَّاعَةُ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي أَعْلَامِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْذَارُ بِزَوَالِ الْإِيمَانِ إذَا اعْتَادَهَا، وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ «مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَرْوِيه «لَا يَشْرَبْ الْخَمْرَ» بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ يَقُولُ إذَا كَانَ مُؤْمِنًا فَلَا يَفْعَلْ هَكَذَا انْتَهَى، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْحَدِيثَ، «فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ زَنَى فَقَدْ كَفَرَ فَقَالَ عَلِيٌّ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُبْهِمَ أَحَادِيثَ الرُّخَصِ لَا يَزْنِي الزَّانِي، وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَنَّ ذَلِكَ الزِّنَا حَلَالٌ لَهُ فَإِنْ آمَنَ بِهِ أَنَّهُ لَهُ حَلَالٌ فَقَدْ كَفَرَ وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِتِلْكَ السَّرِقَةِ أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ فَإِنْ آمَنَ بِهَا أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ فَقَدْ كَفَرَ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَنَّهَا لَهُ حَلَال فَإِنْ شَرِبَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ حِينَ يَنْتَهِبُهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ فَإِنْ انْتَهَبَهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَنَّهَا لَهُ حَلَالٌ فَقَدْ كَفَرَ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْكَذِبِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى ذَكَرَ مَعْمَرٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ، وَعَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هَذَا نَهْيٌ، يَقُولُ حِينَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَفْعَلْنَ، لَا يَسْرِقُ، وَلَا يَزْنِي، وَلَا يَقْتُلُ.
{الثَّالِثَةُ} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَشَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالتَّحْذِيرُ مِنْهَا فَنَبَّهَ بِالزِّنَى عَلَى جَمِيعِ الشَّهَوَاتِ، وَبِالسَّرِقَةِ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَالْحِرْصِ عَلَى الْحَرَامِ، وَبِالْخَمْرِ عَلَى جَمِيعِ مَا يَصُدُّ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُوجِبُ الْغَفْلَةَ عَنْ حُقُوقِهِ وَبِالِانْتِهَابِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute