للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُرِيت سَبِخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا حَرَّتَانِ، فَخَرَجَ مَنْ كَانَ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رِسْلِك فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ نَعَمْ فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصُحْبَتِهِ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ مِنْ وَرَقِ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ» قَالَ الزُّهْرِيُّ

ــ

[طرح التثريب]

الْمُبَرِّدُ هَذِهِ اللُّغَةَ، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِنَقْلِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَبَوِيَّ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَالْمُرَادُ بِأَبَوَيْهَا أَبُوهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّغَلُّبِ، وَيَجُوزُ فِي الرَّاءِ مِنْ رُومَانَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ، وَالْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّهَا لَمْ تَعْقِلْ أَبَوَيْهَا إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ أَيْ الْإِسْلَامَ فَإِنَّ مَوْلِدَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَ أَبَوَاهَا مُتَقَدِّمَيْ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي الِاسْتِيعَابِ أَنَّ وَفَاةَ أُمِّ رُومَانَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ خَمْسٍ، وَقِيلَ سِتٍّ «، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَزَلَ قَبْرَهَا فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَقَالَ اللَّهُمَّ لَمْ يَخْفَ عَلَيْك مَا لَقِيَتْ أُمُّ رُومَانَ فِيك، وَفِي رَسُولِك» .

{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهَا «وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً» فِيهِ فَضِيلَةٌ لِلصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبَيَانِ تَوَاضُعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمُوَادَّتِهِ أَصْحَابَهُ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِكْثَارِ الزِّيَارَةِ عِنْدَ تَأَكُّدِ الْمَوَدَّةِ أَوْ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» فَهُوَ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّعَاوُنِ عَلَى الدِّينِ وَالتَّنَاصُرِ فِيهِ وَأَعْمَالِ الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَمَا أَظُنُّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{الرَّابِعَةُ} قَوْلُهَا «فَلَمَّا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ» بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ اُمْتُحِنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>