للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَقَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْحَدِيثُ " أَشَارَ إلَى قِطْعَةٍ مِنْ الْحَدِيثِ اخْتَصَرَهَا لِطُولِهَا، وَلِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا هُنَا، وَلَفْظُهَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْهِجْرَةِ «فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَإِنَّ مِثْلَك يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ إنَّك تَكْسِبُ الْمُعْدَمَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَأَنَا لَك جَارٌ ارْجِعْ، وَاعْبُدْ رَبَّك بِبَلَدِك فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ إنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ، وَلَا يُخْرَجُ أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمُعْدَمَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ لِصَلَاتِهِ، وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَهُمْ يُعْجَبُونَ مِنْهُ، وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكْ عَيْنَيْهِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَرْسَلُوا إلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِك عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، وَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْك ذِمَّتَك فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نَخْفِرَك، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْت الَّذِي عَاقَدْتُ لَك عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أَخَفَرْت فِي رَجُلٍ عَقَدْت لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّي أَرُدُّ إلَيْك جِوَارَك، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ» .

وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَذْكُورِ لَا يَخْتَلُّ مَعْنَاهُ بِحَذْفِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{الْعَاشِرَةُ} قَوْلُهُ «قَدْ رَأَيْت دَارَ هِجْرَتِكُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>