للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْأَقَاوِيلِ، قَالُوا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ الْعَهْدُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِرِ فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ وَاشْتَهَرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرَاتِ وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ لَهُمْ الِانْتِبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَكَأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الرُّخْصَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْأَدَبِ وَالتَّنْزِيهِ وَلَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي نَشْرَحُهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّحْرِيمِ فَإِنَّ لَفْظَ النَّهْيِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّنْزِيهِ وَالْكَرَاهَةِ وَاَلَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ قَوْلُهُ (لَا تَفْعَلْ) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الظُّرُوفِ فَشَكَتْ إلَيْهِ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا لَيْسَ لَنَا وِعَاءٌ فَقَالَ فَلَا إذًا:» .

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَمَّا قَفَّى وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّ امْرِئٍ حَسِيبُ نَفْسِهِ لِيُنْبِذَ كُلُّ قَوْمٍ فِيمَا بَدَا لَهُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فِي قِصَّةِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ «فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ لَا ظُرُوفَ لَهُمْ قَالَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّهُ يَرْثَى لِلنَّاسِ فَقَالَ اشْرَبُوهُ إذَا طَابَ فَإِنْ خَبُثَ فَذَرُوهُ:» .

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَوْعِيَةَ الدُّبَّاءَ وَالْحَنْتَمَ وَالْمُزَفَّتَ وَالنَّقِيرَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ إنَّهُ لَا ظُرُوفَ لَنَا فَقَالَ اشْرَبُوا مَا حَلَّ» .

وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ الْأَشَجِّ الْعَصْرِيِّ أَنَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رُفْقَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ «مَالِي أَرَى وُجُوهَكُمْ قَدْ تَغَيَّرَتْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَحْنُ بِأَرْضٍ وَخِمَةٍ وَكُنَّا نَتَّخِذُ مِنْ هَذِهِ الْأَنْبِذَةِ مَا يَقْطَعُ اللِّحَانَ فِي بُطُونِنَا فَلَمَّا نَهَيْتنَا عَنْ الظُّرُوفِ فَذَلِكَ الَّذِي تَرَى فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الظُّرُوفَ لَا تُحِلُّ وَلَا تُحَرِّمُ وَلَكِنْ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» .

(الثَّالِثَةُ) : (الدُّبَّاءُ) : بِضَمِّ الدَّالُ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَمْدُودٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوِعَاءُ مِنْ الْقَرْعِ الْيَابِسِ (وَالْمُزَفَّتُ) : هُوَ الْمَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ وَهُوَ الْقَارُ فَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (الْمُقَيَّرُ) : وَقَالَ بَعْضُهُمْ الزِّفْتُ نَوْعٌ مِنْ الْقَارِ وَيَرُدّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمُزَفَّتَ هُوَ الْمُقَيَّرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا (الْحَنْتَمُ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ فَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِأَنَّهُ الْجَرَّةُ وَالظَّاهِرُ صِدْقُ ذَلِكَ عَلَى الْجِرَارِ كُلِّهَا وَذَلِكَ مَحْكِيٌّ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>